Culture Magazine Thursday  14/02/2013 G Issue 396
الملف
الخميس 4 ,ربيع الثاني 1434   العدد  396
 
الغوص في التراث الشعري
أبو عبد الرحمن ابن عقيل

 

اطَّلَعتُ على كتب كثيرة من أعمال الدكتور عبد العزيز بن محمد الفيصل ؛ فهالني ما فيها من جُهْدٍ ومثابرة على البحث في التراث الأدبي الشعري، وقد قَلَّ اليوم مَن يصمد لهذه المثابرة.. ومن حسنات الدكتور أن المقالات الصحفية التي على هامش ثقافته هي الأقل، ولم تصرفه عن العمل الجاد مع فيها من خير كثير مثل كتبه: وطن يعبر القرن، ووقفات مع الاتجاه الإسلامي في الشعر العربي، ومع التجديد والتقليد في الشعر العربي - مع أنه في هذا الكتاب عند بحثه عن التجديد في الشعر الحديث لم يتعرَّض للقيم الجمالية والفكرية في أدب الحداثة -، وقضايا أدبية (وفي هذا الكتاب ما ينبغي ضَمُّه إلى كتابيه عن المعلَّقات)، ومصادر الأدب عند ابن خلدون - وهو أكثر جُهداً -، ورؤى وآفاق بمجلداته الثلاثة الكبيرة.. وعُني بشرح المعلقات، واستوفَى تعليلات التسمية من بطون الأسفار، وذكر أن تعليقها على أستار الكعبة متواتر في مناقشته مَن عارض ذلك.. والمحقَّق عندي أن المتواتر تسميتُها معلقاتٍ ومُذهَّبات، وأما التعليق على أستار الكعبة فدعوى شاذة لم تبلغ خبر الآحاد الصحيحة، والتواتر إنما هو ما نقلته الكافة عن الكافة من أهل الاختصاص خلال العصور، وأما الأخبار الآحادية التي يتناقلها المتأخرون من أمثال السيوطي وعبد القادر البغدادي، وقبلهما كابن عبد ربه: فلا تُسمَّى تواتراً، وإنما هو تناقلُ أخبارِ آحادٍ غير مسندة ؛ فلا هي تصح بتوثيق الإسناد، ولا هي تصحُّ بصفة التواتر، والمتواتر لا اختلاف فيه ؛ إذن نبقى على ما تواتر من صفة المعلقات، وعلى ما ألحقه الأدباء من صفات كالمذهَّبات والسِّمْط والطِّوال.. ومنها صفات بالعدد على الاختلاف فيما هو أحق بتسمية المعلقة مثل المعلقات السبع أو العشر ؛ فإذا ثبت أن الملوك تُعلِّق ما تستجيده من الشعر فلا بد من احتمالين: أحدهما أنهم علَّقوا كل هذه القصائد المسماة معلقات، وهكذا إن صح أنهم يكتبونها بماء الذهب، ولا يوجد نص صحيح مُسْند يقضي بأن الملوك علقوا هذه القصائد بعينها، وذهَّبوها بعينها وإن علقوا وذهَّبوا ما يَعْنيهم منها أو من غيرها.. وثاني الاحتمالين - وهو الأرجح - أن هذه القصائد الطوال ؛ لحسنها عندهم تستحق أن تُعلَّق ؛ فهي معلقات اعتداداً لا وجوداً.. وهكذا المذهَّبات حقها أن تُكتب بماء الذهب، أو أنها على صفة الذهب في قيمتها الفنيَّة.. وهكذا (السِّمط) بالسين ؛ ففيه معنى التعليق، وفيه دلالة على الحُلِيِّلأن السِّمط بالسين المهملة المشدَّدة المكسورة اسم للخيط إذا كان فيه الخرز الذي يُعَلِّق قِلادة في رقبة الأنثى، والعادة أن الخرز من الأشياء النفيسة كالذهب واللؤلؤ، وقد يكون الخيط سلكاً ليِّناً ذا ثَنِيَّات من فضة أو ذهب.. إلخ، والسُّمط بضم السين المهملة المشددة لا تَرِدُ في لغة العرب بمعنى الجمع في هذا الموضع؛ وإنما الجمع سُمُوط بضم السين والميم، وتسميط الشعر لا يُعْرف في الشعر الجاهلي، وما أورده الزبيدي في تاج العروس، وما أورده غيره من شعرٍ مُسَمَّط لامرئ القيس أو أحد القدماء فهو منحول، وغاية الأمر أن تلك الأوصاف حُكْمية تعني نفاسة الشعر، وليستْ وجودية تعني أنها عُلِّقت أو ذُهِّبتْ فعلاً.. وأما جمع حمادٍ المعلَّقاتِ أو غيره فلا يعني أنه توحَّد بروايتها ؛ وإنما جمع من المرويَّ ما وُصِف بالمعلقات الطِّوال مع اختلاف العلماء في عددها، وتفرَّدَ حماد بما انتحله من أبيات، ولعل سعادة الدكتور يطَّلع على ما كتبته عن معلقة عمرو بن كلثوم في هذه الجريدة بمقالة: (عالِمٌ مُؤرِّخ وعامي مُتَوْرخ).. وشرْحُ الدكتور الـمُعلَّقاتِ جاء في سفرين كبيرين، وهو عمل نفيس جداً في تخريج الأبيات، والشرح مُقْتَصِد.. وما دام الدكتور بهذا الْـجَلَدِ في البحث والغوص في الأسفار فأمنيتي أن يُشبع الطبعة الثانية بشرحٍ مقتصد يزيد على الموجود في الطبعة بردِّ المفردة إلى معناها الأصل ؛ ليسهل على القارئ تصوُّرُ المعنى واستيعابه.. مثال ذلك (المِعْضَد) 1-138 فسَّره بالمخطَّط، وهو تفسير صحيح، والدكتور بيقين يعرف ارتداد هذا المعنى إلى أصل المادة ؛ فلو أضاف: (وذلك توسُّعٌ في مجاز الوشي المعضَّد الذي كان تعضيده في جهة ما يُغطِّي عضد اللابس)؛ لكان ذلك أبلغ في فهم القارئ، والعبارة موجزة لا يتَوَرَّم بها الكتاب ؛ وإنني لَمُلِحٌّ على الدكتور في تحقيق هذا المَطْلب ؛ فقد قلَّ ذوو الجَلَدِ على البحث ؛ فمن أولى من الدكتور بتحقيق هذا المطلب وقد ذلَّل مادة بحثه ؟.. وإن أضاف إلى تخريجاته الاجتهاد في ترجيح المفردةِ المناسبةِ للسياق: لكان ذلك منتهى الكمال، ووددتُ تحقيق هذا المَطلب ؛ لأن اللغويين والشراح اختلفوا اختلافاً كثيراً في تفسير المفردات، وفي تقديم بعض الأبيات أو تأخيرها، وفي كثير من اختلافهم ما لا تقبله اللغة ولا يقبله السياق، ومثال ذلك ما ورد في تحليلي مُعَلَّقة النابغة في حلقات متفرقة بهذه الجريدة كلها بعنوان: (ابتسمات ثقافية وفكرية) ؛ فحبذا لو تكرَّم الدكتور بالاطلاع عليها.. وكتابه الآخر (شعراء المعلقات العشر) من الضروري أن يُضَمَّ في الطبعة الثانية إلى كتابه السابق ؛ لأنه مدخل ضروري له ؛ فإن أضاف إليه في ترجمة كل شاعر ما هو منتحل في شعره ؛ لكان الكتاب أكاديميّاً لا بُغية وراءه، ولكان مثل (فتح الباري) الذي قيل فيه: لا هجرة بعد الفتح.. ومن الانتحال الأصلع قصيدة الأعشى التي مطلعها:

إنَّ مَـحَلّاً وإنَّ مُرْتـحلا

وإنَّ في السَّفْر ما مَضى مَهلا

وقد أفضت عنها في التباريح

وأمَّا جهود الدكتور في جمع شعر بعض القبائل فقد كانت في غاية التوفيق بجُهْد لا يقدر عليه إلا المثابرون من أحلاس الطروس ؛ ومما عُني به تَقَصِّيه شعر وشعراء بني قُشَير في مجلدين بعنوان (شعراء بني قشير في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأُموي)، وقد جعل المجلد الثاني عن ديوانهم، وهو استقصاء جبَّار، ولكن وددت لو كان الشرح وَفْق خصوص المراد مثل (القُوى) 2-9 فسَّرها بأنها جمع قُوة بمعنى الطاقات الواحدة من طاقات الحبل، وهذا صحيح في اللغة، ولكن خصوص المراد عن ضعف رَيّا، وأن قُوَّتها تجذَّمت ؛ فصارت واهنة ؛ فكان من الأوفق ربط هذا المعنى الـمُراد بأصله من اللغة ؛ إذْ الأصل في ذلك الشدة والقدرة بخلاف الضعف والعجز ؛ فإذا دخلت الألف المهموزة التي هي للنقل كان معنى ذلك زوال القوة مثل (أّقْوت الدار) بمعنى خلت من أهليها الذين هم قُوَّتها، و(بات فلان القَواء) - والقواء اسم من أقوى - بمعنى بات جائعاً لم يتقَوَّ بالأكل.. والجزء الأول عظيم القيمة في إفراد تاريخ بني قشير بالتأليف، وقيمة الكتاب بجزئيه أنه تَقَصٍّ فردي شاق لم يُسبق إليه، ولا يُعَكِّر على هذا أن بعض القدماء عُني بشعراء قشير وشعرهم كالصمة، والاحتمال أن بعض جُمَّاع شعر القبائل ربما ذكر شعر بني قشير كأبي عمرو الشيباني، وهكذا كتاب بني قُشير الذي ذكره الآمدي في سياق شعر القبائل ؛ لأن هذه الكتب لم تصل إلينا.. ويزيد جُهد الدكتور قيمة أن شعر بني قشير مُبَدَّد في المصادر، وقد تقصَّى مظانَّها، ولم يشتهر من ذوي الدواوين غير الصمة بن عبد الله القشيري، وقد ذكر فؤاد سزكين في قسم الشعر م2 ج 4 ص 45 نقلاً عن فهرسة ابن النديم أن له ديواناً بصنعة السكري والمفضل بن سلمة، وأن ديوانه كان حاضراً عند عبد القادر البغدادي، ورجَّح انه كتاب (الصمة بن عبد الله وريا)، ولم يذكر آثاراً مخطوطة ؛ وإذن فديوانه في طيِّ المجهول، ولقد خرج الدكتور أشعاره.. ومن شعراء بني قشير المكثرين يريد بن الطثرية، ولم يصل إلينا ديوانه الذي جمعه أبو الحسن الطوسي من روايتي ابن الأعرابي وأبي عمر الشيباني، ولا كتاب (ابن الطثرية ووحشية)، وقد خرَّج الدكتور شعره، ووجدته في 2-102 ذكر بيتاً للمجنون القشيري عن المؤتلف والمختلف للآمدي ولسان العرب، ولكنني وجدت الدكتور فؤاد سزكين في قسم م2 ج3-128 يذكر أن اسمه كهيل بن مالك بن معاوية بن سلمة الخير، ويحيل إلى الآمدي الذي ذكر أن أخباره وأشاره في (كتاب بني عُقيل).. وبالتحديد الزمني السابق عُني بشعر بني عبس في مجلدين ؛ فجعل الأول تاريخاً للقبيلة، وجعل الثاني ديواناً لشعرها، وقد تعرَّض في الجزء الأول لمسألة النحل والانتحال، وذكر ما ورد في شعر الحطيئة من النحل، وأضيفُ ههنا أن الحطيئة اُنْتُحِلَ عليه بيتان على قافية الراء من بعض المعاصرين في الكلام عن الوشم وشقراء وأشيقر، وقد سمعتها ضمن سبعة أبيات من شيبة حَمْدٍ توفي منذ خمسة وثلاثين عاماً أو أكثر، وفيما ذكر بني زيد الذين كانوا بعد الحطيئة بثمانمئة عام ونيف، ونقَّب أخي الأستاذ يوسف المهنا فعرف مصدر النحل ومصدره.. والآمدي الأديب يُحيل في سياقه عن الشعر أو التراجم إلى كُتبٍ عن القبائل، ولا يذكر مؤلِّفيها ككتاب بني عبس، وذكر أيضاً كتاب: (تسمية شعراء القبائل) لأبي جعفر محمد بن حبيب، وقد ذكر النديم أن كتابه: (كتاب القبائل الكبير والأيام) جمعه للفتح بن خاقان، وأنه أربعون جزءاً، وكل جزء مئتا ورقة.. أي أربعمئة صفحة.. وهذه الكتب لم تصل إلينا ؛ فعمل الدكتور لا يزال جُهداً فردياً جباراً مُوَفَّقاً.. وَوُجِدَتْ كُتب عن شعراء من بني عبس ؛ فالمأثور أن عند أبي حاتم السجستاني نسخة من ديوان عروة بن الورد العبسي، وذكر أن للديوان نُسخاً بصنعة (والصنعة تعني الرواية أو الجمع والشرح) كل من الأصمعي والسُّكري وابن السِّكيت، ولم تصل إلينا صنعتا الأول والثاني، وصنعة ابن السِّكيت توجد مخطوطة.. قال الدكتور فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي م 2 الخاص بالشعر ج 2 ص 63 - 64: ((ويوجد الديوان مخطوطاً في: ليبتسج D.C 354 (الصفحات 11- 33 قيل سنة 484 هـ) مع شرح لابن السكيت نشره نولدكه اعتماداً على هذا المخطوط وترجمه وشرحه بعنوان:

Th. Noldeke،die Gedichte U rwa Ibn Alward. Gottingen 1863 in:Abh. Der Kgl. Ges der Wiss Bd.II.

قارن أيضاً ما كتبه بريم في:

E.prym،in ZDMG 31-1877-683- 693.

وطبع الديوان، بتحقيق محمد بن شنب، مع شرح ابن السكيت، بعنوان:

Mohammed Ben Cheneb:orwa ben el-Ward,Diwan،accomp. Ducmt. D,Ibnes-Sikkit. Alger- paris 1926.

نشر باسيه دراسة عن ديوان عروة بن الورد:

R. Basset،Contribution a l,etude du Diwan d,O. in; P. Haupt Anniversary S.344-357.

ونشر باسيه ديوان عروة بن الورد مع ترجمة فرنسية، ومع تعليقات:

R. Basset،Le Diwan de orwa ben el Ward،trad. Et ann.in: Bull. Afr. LXII، fac. Des Lettres D,Alger،1928.

وكتب شفارتز عن العمل السابق في:

P. Schwarz in: OLZ 33-1930- col.458-460.

وأما صنعة شعره في الأغاني 3-73- 88، مع شرح ابن السكيت في رواية متأخرة فقد اعتمد عليهما كتاب ((مجموع مشتمل على خمسة دواوين)) القاهرة 1923م، ص 80- 106، ومنه مختارات عند لويس شيخو: في شعراء النصرانية 1-883- 916، كما جمع أشعاره كرم البستاني، في كتاب عنوانه: ((ديوانا عروة بن الورد والسموأل)) في بيروت 1964 م، ثم أعيد طبع الديوان في بيروت، المطبعة الأهلية دون تاريخ، وحققه عبد المعين المَلُّوحي. (بغداد 1966، ولم ينظر بعد في خمس قصائد (72 بيتا) في ((منتهى الطلب)) المجلد الأول، القاهرة الصفحات 117 ب - 119 أ (انظر JARAS 1937،448) انظر كذلك فهرس الشواهد: Schawahid- Indices 347)).. وقال ص 62 - 63 ((انظر أيضاً: ما كتبه بوشيه عن عروة بن الورد ضمن دراسته عن شاعرين جاهليين:

M.R.Bouch،Deux poetes ante-islamiques,I.Notice surOrwa bene el wardin: JA 1867 (6 ser.Bd.9)،P.97-120.

وكتب - ريشرعنه في الموجز لتاريخ الأدب العربي.

Rescher،Abriss I1,73-74

وكتب نالينو عنه في الأدب العربي

Nallino,litt. Ar.47.

وكتب بلاشير عنه في تاريخ الأدب العربي:

Blachere،Histoire287))

قال أبو عبد الرحمن: ولقد أَلفَّ الدكتور نوري القيسي والأستاذ هلال ناجي كتاباً ضخماً في جزأين استدركا به على صُنَّاع الدواوين، وأكثر عنايتهما بالمتأخرين، ولم يستدركا شيئاً على ديوان عروة، ولم يذكر أحداً من بني عبس، ولقد أحسن الدكتور إذ لم يورد في كتابه أشعار ذوي الدواوين إلا ما كان استدراكاً على دواوينهم.. ومن شعراء عبس ذوي الدواوين الحطيئة، وقد وصل إلينا بتحقيق الدكتور نعمان أمين طه ؛ فصدر بالقاهرة عام 1958 م، ثم أعاد طبعه بالقاهرة على حساب جمعية الثقافة والفنون بالرياض لمَّا كنتُ رئيساً للشؤون الثقافية بها، وقد قارن بينه وبين أبي حاتم السجستاني.. ولكن الدكتور فؤاد سزكين ذكر طبعة جولد تسيهر عام 1892م، ثم أعاد طبعها في ليبنسج عام 1893 م، وأنه في المجلد الثالث من مجموعة أعماله، وذكر مَن كَتَب عن الحطيئة من المستشرقين.. وهم جولد تسيهر، وبيلا في دائرة المعارف الإسلامية، وبروكلمان في تاريخ الأدب في المجلد الثاني وفي الملحق، ونالينو، وذكر في كتابه عن الشعر م2 ج2 ص 25 نُسَخ الديوان الخطية، ومنها شرح لمجهولِ المؤلِّف جَـمَع شروح ابن الأعرابي والأثرم وابن السكيت في أنقرة - صائب، وذكر أنه طبعه في إستنبول عام 1308 هـ، ثم أعاد الشنقيطي نشره بالقاهرة عام 1323 هـ، ولقد عُني الدكتور بلفتة عن النحل في شعر الحطيئة 1-56 ـ 60، ولم يستدرك شيئاً فات الديوان المطبوع.

قال أبو عبد الرحمن: لا أجد أولى من الدكتور عبد العزيز الفيصل بإعادة تحقيق الديوان ضامّاً إلى ذلك جهود جولد تسيهر وبقية المستشرقين، مُسْتفيداً من النسخ الخطية يُقابل عليها ويذكر زياداتها، وعُني الدكتور بديوان عنترة من شعراء بني عبس ذوي الدواوين، وعُني بما نسب من شعره إلى غيره كما فعل مع الحطيئة، وأضاف ما فات الديوان من شعره في 2-74- 77 وأغلب شعر عنترة منحول، والصحيح قليل، وفي كتاب الدكتور فؤاد سزكين في أجزاء الشعر م2ج2ص10- 14 إحالات نفيسة جداً.

ومن شعراء بني عبس زعيمُهم وُشؤْمُهم قيس بن زهير الملقَّب قَيْسَ الرأي، وقد كان في ذاكرتي مع غيره من الإعلام التاريخية منذ صباي لما كنتُ معنياً بقراءة (سيرة عنترة بن شداد) الأسطورية، وقد اشتريتها من حانوت عبد الله بن صالح بشقراء؛ فقال رحمه الله تعالى: (سَتُؤسِّسُ من هذه السيرة كُتباً كثيرة) !!.. ومنذ بداية الكهولة وأنا أنوي جمع شعره والترجمة له؛ ثم تقاعستُ لما صدر كتاب ما وصل من شعره، وقد أورد الدكتور الفيصل ما لم يرد فيما جُـمِع من شعر قيس.. ومن شعراء وقادة داحس والغبراء الربيع بن زياد يعرف هو وإخوانه بالكَلمة، ولا يؤثر له ديوان، وقد جُـمِع ضميمة من شعره جَمعها لويس شيخو في كتابه شعراء النصرانية، ثم أضاف إليها عادل جاسم البياتي إضافة يسيرة بمجلة كلية الآداب ببغداد، وأضاف الدكتور الفيصل أيضاً إضافات طفيفة.. ومن الشخصيات التاريخية المساور بن هند بن قيس بن زهير، وإنه يستحق أن يفرد له الدكتور ترجمته بالتوسُّع تنصيصاً مع ما تقصَّاه من شعره.. وعني الدكتور بشعر بني عُقيل بضم العين في كتاب من مجلدين سماه (شعراء بني عُقيل وشعرهم) حسب الزمن الذي حدده لبني قشير وبني عبس، وتعرَّض لمعنى عقيل، وذكر وجه تصغيرها في 1-3-، وبعض ذلك لا يصح نحواً، وبعضه لا يصح لغة، والصحيح أن عُقَيل تصغير (عَقْل) بفتح لعين المهملة وسكون القاف لا بفتحها الذي هو بمعنى داء الركبتين، بل بمعنى الامتناع والإباء ؛ ولهذا يقال: (عَقَل - بفتح القاف - الوَعِل) إذا امتنع، وامتناعه (عَقْل) بسكون القاف، وأما (أعقل) فتصغيرها أُعيقل، وأما عقال وَعَقِيل بالتكبير فتصغيرهما عُقيِّل بتشديد الياء مثل أغلف وحمار وحُـمَيد.. وهو على منهج المجموعتين السابقتين ؛ فالجزء الأول عن القبيلة وأعلامها، والثاني ديوان شعرها الذي لم يُجمع.. وهذا المجموع هو الأول وهو أكثر جُهداً، ومما لم يصل إلينا من المجاميع كتابان ذكرهما الآمدي، وهما (كتاب بني عُقيل)، و(أشعار بني عامر بن صعصعة).. وذكر الدكتور ديوان توبة بن الـحُميِّر، ولم يستدرك عليه، وفي قسم الشعر من كتاب الدكتور سزكين م2ج 3 ص 137 زيادة فائدة.. وهكذا مزاحم العقيلي ذكر سزكين م 2 ج 3 ص 136 قطعة من مخطوطة ديوانه في فاتح، وفي ص 139 ذكر سزكين أن في مخطوط ببرلين شعراً ينسب إلى ليلى الأخيلية.. ولعلَّه أن تتاح لي فرصة مستقبلاً لملامسة بقية أعمال الدكتور النفيسة؛ وإنني لأهنئه على هذا الجدِّ واـجُهد ؛ وإني لأرجو أن لا يتوقَّف ولو حبواً ؛ فإن طالب العلم وإن شاخ في كل شيء لا تشيخ موهبته العلمية، ولا يتوقف جهده العلمي ولو إملاء.. وكلمتي هذه بلا ريب تكرمة للدكتور، وهو أهل لذلك، ولكن من باب الغِبْطة أحببتُ أن أزاحمه في تخصُّصه ببعض اللمسات الخفيفة.. وفق الله الجميع والله المستعان.

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5079 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة