أقرأ في هذه الأيام كتاب باللغة الإنجليزية عن فن قراءة اللوحة في الفن الحديث وكيفية الاستمتاع بها جماليًا وفكريًا لمجموعة من القطع الفنية الرسمية في تاريخ فنون أوروبا، الكتاب جميل نصًا وشكلاً واللوحات متسلسلة زمنيًا، ما أثار إعجابي في الكتاب هو ما اتفق عليه النقاد في أوروبا في تصنيف تلك الأعمال كقطع أساسية تمثل كل منها مدرسة أو اتجاهًا فنيًا حديثًا انتقل إلينا نحن العرب وتدارسناه في مقررات الفنون؛ نلاحظ هذا الاتفاق في بقية الكتب المتعلقة بتاريخ الفن الحديث، أعتقد أنه يمكن إرجاع هذا الوضوح في عملية التصنيف إلى طبيعة تكون الفكر الحديث المستند بوضوح إلى جهود الفلاسفة الذين تناولوا الفكر حينها سواء من خلال النصوص الأدبية كالشعر والمسرح والرواية أو انعكاساتها انعكست على الإنتاج الفني؛ الذي بدوره أعيدت قراءة الفكر الحديث من خلاله، لذا يعدُّ إنتاج الفنون التشكيلية الحديثة أحد أهم الأدلة لدراسة التاريخ البشري فكريًا في تلك الفترة الزمنية ولكنه بدأ يتلاشى تأثيره على الفنان حاليًا وأصبح الفن الآن يحمل مسمى المعاصرة بتجارب فردية أكثر من كونها اتجاه أو مدرسة يمكن تصنيفها مع غيرها، الفن الأوروبي الحديث لازال يلقي بتأثيره على الغالبية من الفنون العربية التي تسمى بالمعاصرة في حين لم يتم الاتفاق على قطع عربية رسمية يدرس تاريخ الفن العربي الحديث أو المعاصر من خلالها، أعتقد لو كانت اللوحات العربية وليدة فلسفة عربية لكانت لها من القوة التاريخية أكثر من كونها تطبيقًا لفلسفة مستوردة وغير مرتبطة بطبيعة الفنان العربي والمسلم تحديدًا، ومع المناداة بالأصالة واحترام بعض الحدود المفروضة في الأعمال المقدمة للجمهور العربي تبرز أهمية تلك الخصوصية في الفكر التي تعد هي الأساس لتاريخ تشكيلي مميز.
Hanan.hazza@yahoo.com