Culture Magazine Thursday  19/04/2012 G Issue 370
أقواس
الخميس 27 ,جمادى الاولى 1433   العدد  370
 
ملتقى حائل
أحمد اللهيب

 

في ثلاثة أيام فقط!، تمكن نادي حائل الأدبي أن يرسم خريطة جديدة في التعامل مع أفراد المجتمع، وأن يخترق كثيراً من الحجب والممرات ليصل إلى قدر كبير من المتلقين بشتى أطيافهم وأنواعهم قارئهم ومطلعهم ومتابعهم وأمّيهم!، واستطاع أن يتجاوز مراحل عدة من التسويق الإعلامي والجماهيري الذي تبحث عنه الأندية الأدبية كلها منذ سنوات؛ لكي تحضر الجمهور إلى ردهاتها وأروقتها ومكتباتها التي يسكنها الغبار ولا ينفضها إلا باحث أو باحثان بين الفينة والأخرى!.

في ثلاثة أيام فقط!، وفي ملتقى حاتم الطائي، زرنا أماكن لم نزرها من قبلُ، ورأينا وجوها لم نرها من قبلُ، وصافحتنا قلوبٌ لم نصافحها من قبلُ، من قلب حائل إلى منطقة (الحُفير) مروراً بشعاب وأودية كانت ليلة الخميس ماطرة بالشعر والشعراء ومليئة بالحب والوفاء، والكرم والسخاء. وفي تلك الليلة كانوا شعراء سبعة، بل كانوا شعراء من منابع مختلفة، وهذا دليل على أن النادي لم يكن يسعى لأدلجة الشعر أو تخصيصه، ولم يكن الشعر وسيلة بل غاية، فكان للشعر وهجه الفني المتألق وحضوره الخطابي المؤثر!. وفي يوم الخميس كانت (جُبّة) مهوى قلوب الحاضرين ومرتع أفئدة الزائرين، وكان الراوي والمسرحي حاضرين فيه فتألقاً وتكاملاً.

في ثلاثة أيام! تجلت قيمة (الكرم) وتقاطعت صورة (حاتم الطائي) في التاريخ والأدب والشعر والمسرح مع قيم الإسلام والعروبة، وكان هذا التوهج والتباهي سلوكا اجتماعياً يتجلى في الشيخ الكبير والشاب البصير والطفل الصغير! كانت صورة حاملي القهوة بين عيني من تاريخ سحيق لا يخرج إلا من بطون الكتب، وكانت صورة ( القعدان ) متناثرة فوق صحون وكأنها تستقبلنا بكل حفاوة وتقدير!.

في ثلاثة أيام! استطاع نادي حائل الأدبي بإدارته الجديدة أن يزرع في قلوب الناس مفهوماً جديداً، وأن يفتح باباً آخر لا يدركونه، وهو أن في المنطقة (نادياً أدبياً) وهو يهتم بالثقافة والفكر والأدب والشعر والرواية والمسرح، وهي فنون إنسانية راقية يعلمونها ولا يرونها، ومن هنا استطلع نادي حائل أن يخبرهم بأن في المنطقة (نادياً أدبياً)، فتزينت الشوارع باسم (الملتقى) واسم (حاتم الطائي) فجمعت بين أمرين: أحدهما مجهول (كلمة ملتقى) وهو أول ملتقى يقام في حائل المنطقة باستضافة النادي الأدبي، وآخر معلوم (حاتم الطائي) وهو شخصية تاريخية لها قيمتها ومكانتها في (توارن) مكان قبره وقبيلته وتاريخه.

في ثلاثة أيام! صنع نادي حائل الأدبي مستقبلا ًحافلاً لجيل جديد، سيذكرون جيداً أنهم في هذا التاريخ صنعوا قيمة حاتم الطائي كما هي في التاريخ يروونها لجيل بعد جيل، وأنهم تلقوا الركب فاتحين أيديهم كرماً وحباً وتألقاً.

في ثلاثة أيام! استطاعوا أن يعيدوا لنادي حائل وهجه الاجتماعي والتواصلي بعد أن كان متوهجاً ثقافياً في إدارته السابقة بما قدمه من مؤلفات مطبوعة من خلال عقد شراكة مع دار مشهور، وقصائد مسموعة لشعراء بارزين في هذا الوطن، واحتفاء بأسماء ثقافية متنوعة، وأحسب أن نادي حائل منذ نشأته تجاوز مراحل عمرية كثيرة، ففي أربع سنين سابقة صنع ثقافة متميزة، وفي هذه السنة صنع تواصلاً مميزاً وحضوراً جماهيرياً فارقاً.

في ثلاثة أيام، تمكن نادي حائل الأدبي أن يجمع حوله من الداعمين الأوفياء الذين يقدرون منطقتهم ويحترمون مشروعاتها الثقافية الجديدة، وأن يدعموا هذا الملتقى مادياً ومعنوياً، فكان ملتقى أدبياً مختلفاً؛ لأنهم شعروا أنّ هذا الملتقى نابع من قلوبهم وصادر من أفئدتهم، وأنهم يتحملون جزءاً منه، فكانوا بذلك خير معين ، وصاروا نموذجاً يحتذى به للمواطن الصالح الذي لا ينافق، ولكنه يقدر قيمة المكان الذي يسكن فيه، ويسعى ليرفع من شأنه، فهو يمثلهم ويكشف للحضور مدى تفاعلهم مع هذا الحدث الثقافي الجميل!.

فاصلة شعرية:

في طريقي إليك يا حائل الحبّ

أمطرتني فصرت أعبر شوقا

جئت للكرام ( محفل طيٍّ)

تهادى في مقلتي السحابُ

نحو لقياك والطريق ترابُ

وأناخت بين (الحفير) الركابُ

بريدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة