جرى العرف في الولايات المتحدة أن يشغل تفكير الرئيس الأمريكي عندما يقترب وقت ترك منصبه أمران مهمان لهما نكهة ثقافية، الأول هو تمويل بناء مكتبة رئاسية في الولاية التي تُعتبر مسقط رأسه، ويتم هذا عن طريق التبرعات من الشركات والدول الصديقة، وفي مقدمتها - بالطبع - الدول الخليجية الكريمة. والأمر الثاني هو البحث عن أفضل صفقة لنشر مذكراته، وهو موضوعنا هنا.
مذكرات كلينتون
وُلد الرئيس بيل كلينتون عام 1946 في ولاية أركنسا، وأصبح الرئيس رقم 42 للولايات المتحدة من عام 1993 حتى عام 2000. وبعد خروجه من منصبه نشر مذكراته «حياتي» في يونيو 2004 التي تزيد قليلاً على 1,000 صفحة تقريباً عبر دار كنوبف للنشر المتفرعة عن دار «راندوم هاوس»، التي تعتبر أكبر ناشر للكتاب الورقي في العالم.
مذكرات بوش
وُلد الرئيس جورج دبليو بوش أيضاً في عام 1946 في مدينة نيو هيفن في ولاية كونيتكت؛ حيث كان والده يدرس في جامعة ييل. وأصبح الرئيس رقم 43 للولايات المتحدة من عام 2001 حتى عام 2009. وبعد خروجه من منصبه نشر مذكراته «نقاط القرار» في نوفمبر 2010 التي تزيد قليلاً على 500 صفحة تقريباً عبر دار كراون للنشر المتفرعة أيضاً عن «دار راندوم هاوس».
حاصل الذكاء IQ
ومن المعروف أن بيل كلينتون اشتهر بالكاريزما والقدرات الخطابية الفذة والمظهر الرئاسي المهيب، بعكس الرئيس جورج دبليو بوش تماماً، الذي اشتهر بالبساطة وضعف الشخصية؛ حيث عُرف عنه اعتماده الكلي على نائبه ديك تشيني، واشتُهر أيضاً بهفواته وأخطائه اللغوية والخطابية الفادحة، وكذلك ردود فعله المحرجة في المؤتمرات الصحفية لدرجة صدور كتب عدة تفهرس جناياته على اللغة الإنجليزية، ولعل أشهرها اختراع كلمات من العدم غير موجودة في القاموس، مثل:Misunderestimated
ولعل من الطريف مقارنة حاصل الذكاء للرجلين. ويعتبر حاصل الذكاء المتوسط في حدود 80-115 نقطة، والذكاء المرتفع في حدود 125-144 نقطة، والعبقرية بدرجاتها الثلاث من العبقرية العادية إلى العبقرية المدهشة إلى العبقرية الخارقة 145-200 نقطة. وقيل إن حاصل ذكاء آينشتين كان 160 نقطة. وبحسب ما نشر صحفياً فإن حاصل ذكاء كلينتون هو 137 نقطة، بينما حاصل ذكاء بوش هو بالكاد 91 نقطة. ونترك أرقام حاصل الذكاء تتحدث عن نفسها بدون تعليق.
مبيعات المذكرات
وجاء في خبر لوكالة أسوشيتد برس (أ. ب) للأنباء أن مبيعات مذكرات بوش «نقاط القرار» في طبعتها الأولى الفاخرة ذات الغلاف الصلب (هارد كوفر) زادت على المليونين ومائتي ألف نسخة؛ لتكسر وتتفوق على رقم مبيعات مذكرات كلينتون «حياتي» رغم فارق السنوات الست بين الكتابين، ولكن الوكالة لم تذكر رقم مبيعات مذكرات كلينتون «حياتي». ونسب بعض المعلقين هذا التفوق غير المتوقع لوجود كوارث ضخمة في عهد بوش مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، ثم ما سمي «الحرب على الإرهارب»، ثم غزو أفغانستان، ثم غزو العراق، وأخيراً وليس آخراً كارثة إعصار كاترينا؛ وبالتالي توقع القراء وجود أسرار وفضائح في تلك المذكرات، وهو ما لم يحدث مطلقاً.
مفارقة طريفة
ومن الطريف ما ذكرته الغارديان أن الرئيس دبليو بوش حصل نظير مذكراته على صفقة قدرت بـ 7 ملايين دولار من الناشر بخلاف نسبة المؤلف من عوائد المبيعات، ولكن هذه الصفقة التي تبدو حقاً ضخمة هي في الواقع أقل من نصف الصفقة الذي حصل عليها الرئيس بيل كلينتون من الناشر؛ حيث استلم 15 مليون دولار. والفارق في حجم الصفقتين - كما يعرف العقلاء - لا علاقة له بعدد صفحات المذكرات بل بأهمية المؤلف.
لورا تتفوق على جورج
والأطرف مما سبق هو أن السيدة الرقيقة واللطيفة لورا بوش حرم الرئيس جورج دبليو بوش حصلت مقابل مذكراتها «حديث من القلب» (464 صفحة، دار سايمون آند شوستر)، التي صدرت في إبريل 2011، على صفقة من الناشر تبلغ 8 ملايين دولار، أي أكثر من زوجها الرئيس جورج دبليو بوش بمليون دولار!! بدون تعليق أفضل!!
Hamad.aleisa@gmail.com
المغرب