هذه ترجمة لمقالة طريفة وساخرة نوعاً ما عن لغز لقب البست سيلر للروائي الأمريكي بيتر وينكلر نقلاً عن صحيفة هفينغتون بوست دوت كوم: أستاذ الكتابة الإبداعية والروائي البروفيسور جيمس دبليو هول يحاول اكتشاف المعادلة والوصفة السحرية والكيميائية في كتابه الجديد «الأدب الرائج: فك شفرة أشهر كتب البست سيلر في القرن العشرين». كتاب «الأدب الرائج» تطور من كورس بدأ هول تدريسه منذ سنوات عن الرواية الرائجة، عبر تحليل مجموعة من قوائم البست سيلر السنوية التي وجدها في مكتبة الجامعة. يقول هول: «بالنسبة لذلك الكورس الأولي، اخترت عشر روايات كانت بست سيلر خلال عقد واحد من الزمن». ويضيف هول «تلك الروايات كانت كبيرة، وأكبر من كبيرة». ويسميها هول «بست سيلر ضخمة» (أي ميغا بست سيلر)؛ حيث باعت بالملايين، وغالباً ما تواصل البيع لسنوات عدة.
وفي كتابه، حلل هول روايات شهيرة مثل: «ذهب مع الريح»، و»بيتن بليس»، و»أن تقتل طائراً محاكياً»، و»وادي الدمى»، و»العرّاب»، و»طارد الأرواح الشريرة»، و»الفك المفترس»، و»منطقة الموت»، و»مطاردة الغواصة أكتوبر الأحمر»، و»الشركة»، و»جسور مقاطعة ماديسون»، و»شفرة دافنشي». ويعترف هول بأنه على الرغم من أن «هذه الروايات الـ 12 مختلفة اختلافاً جذرياً من حيث المكان والشخصيات، والحبكات»، إلا أنهم - كما يقول - يشتركون جميعاً في 12 من القواسم المشتركة لدرجة يمكن وصفهم «بتنويعات لكتاب واحد» كتب مراراً وتكراراً لكل جيل جديد من القراء.
ولكن هول ليس أول من حاول فك شفرة الخصائص المشتركة لروايات البست سيلر؛ فقد عثرت عبر غوغل على بحث أكاديمي لجون هارفي نُشر في عام 1953، بعنوان «خصائص المحتوى لروايات البست سيلر»، التي جاء في ملخصها أنها بحث لتحليل لغز النجاح الروائي؛ حيث قام المؤلف بعمل بحث لتحديد «خصائص المحتوى» للروايات الرائجة التي تميزها عن الروايات غير الرائجة. وعلى الرغم من أن التنبؤ الدقيق بمبيعات الكتاب يتطلب استعلاماً دقيقاً وتحرياً مستمراً، إلا أن هارفي وجد أن بعض «المتغيرات في المحتوى» تبدو كأنها ترتبط مع أرقام المبيعات.
ولذلك، فما هي بعض تلك «المتغيرات في المحتوى»؟ وفقاً لجيمس هول، فإن أبطال الروايات التي شرّحها جميعها تملك «عاطفة متقدة»، تؤدي إلى أفعال شجاعة ومثيرة للدهشة. ويضيف: «إنهم يتصرفون بحزم بدلاً من الانهماك في التأمل والتفكير الداخلي». الحبكة في هذه الروايات لا تضيع أي وقت سدى بل تتكون من حالات مثيرة متتابعة تدفع القراء للتقدم بنهم نحو الصفحة التالية لمعرفة المزيد بسبب قوة تدفق الأحداث للقصة المسرودة؛ حيث تنكشف الأحداث التي تتحدى البطل واحدة تلو الأخرى، والسؤال الأصلي الدراماتيكي يتحور ويتطور إلى سؤال آخر ثم آخر ثم آخر.
هول لا يُعِدّ أبداً قراءة كتابه «الأدب الرائج» سوف تساعد الكُتاب للوصول إلى قائمة البست سيلر. وبعكس هول، فإن العنوان الفرعي لكتاب الوكيل الأدبي ومدرب الكتابة الإبداعية دونالد ماس «الرواية الرائجة» (2001) يعد بذلك؛ حيث ينص على «نصائح من الداخل لرفع روايتك إلى المستوى التالي». ويقول دونالد ماس في مقدمة كتابه: «أي مؤلف يكتب رواية قابلة للبيع يمكنه أيضاً أن يتحسن، وتقريباً كل الكُتاب يمكنهم كتابة رواية تنجح وتصل إلى الذروة». ويضيف ماس بثقة في مقدمته: «أعتقد أنه من الممكن للكاتب أن يفهم - على الأقل جزئياً - آليات (الرواية الرائجة) وتطبيق هذه الآليات على كتاباته».
في التسعينيات، قرر «نجار» يهوى الكتابة، اسمه جون بالدوين (53 عاما)، أن يناضل لكتابة رواية رعب طبية لتكون بست سيلر. أمضى بالدوين سنوات عدة في تحليل أفضل الأمثلة على هذا النوع الأدبي، وتشاور مع بعض الخبراء من الكُتاب والوكلاء في هوليوود، ثم وضع صيغة نجاح تتكون من 10 خطوات للوصول لتلك الرواية الرائجة:
1) البطل يجب أن يكون خبيراً.
2) الشرير يجب أن يكون خبيراً.
3) يجب أن تتوقع وتراقب كل صنوف النذالة من وراء ظهر الشرير.
4) البطل لديه فريق من الخبراء في مختلف المجالات.
5) اثنان أو أكثر من الفريق يجب أن يقعا في الحب.
6) اثنان أو أكثر من الفريق يجب أن يموتا.
7) يجب على الشرير تحويل اهتمامه عن هدفه الأولي (البطل) إلى الفريق.
8) يجب أن يعيش الشرير والبطل للقيام بمعركة ثانية في تتمة للرواية (الفيلم).
9) يجب أن تنطلق الوفيات من الفرد إلى المجموعة: أي لا تقل «انفجرت قنبلة وقتلت 15 ألف شخص». بل قل «كان جيمي وسوزي يمشيان في الحديقة مع جدتهما عندما تزلزلت الأرض».
10) إذا وقعت في مأزق فعليك بقتل شخص ما.
بالدوين تعاون مع عالم الأوبئة جون مار، وأصدرا رواية «الوباء الحادي عشر» كرواية رعب طبي؛ حيث حصلا على مليونَيْ دولار مقدماً من دار هاربر كولينز للنشر، وحقوق بيع الفيلم. وبالرغم من أن هاربر كولينز أنفقت 200 ألف دولار للدعاية لم تستطع الرواية أن تكون ضمن أفضل عشرة كتب بست سيلر في قائمة صحيفة نيويورك تايمز الشهيرة، ولم تطبع مجدداً.
ولكن كيف تعمل مثل هذه المعادلات عندما يطبقها كاتب على نفسه في كتابة رواية؟ حسناً، بالدوين ومار فشلا. والبروفيسور جيمس هول كتب 17 رواية تشويق وجاء في مذكراته «لقد حصلت على عروض لتحويل العديد من رواياتي إلى أفلام سينمائية، وقد كتبت سيناريو لاثنين من هذه المشاريع». وكان أفضل ما حصلت عليه إحدى رواياته هو لقبا «كتاب الشهر» و»اختيار النقابة الأدبية». ولم يرد أي ذكر للوصول إلى قائمة البست سيلر لأي من روايات هول. سيرة خبير الكتابة الإبداعية ماس الذاتية تنص على أنه مؤلف لـ 14 رواية باسم مستعار، ولم تصبح أي منها بست سيلر!!
ماس يتساءل: «هل يمكن لأي مجموعة من الحيل أو التقنيات نقلك إلى قائمة البست سيلر؟» ثم يجيب: «ليس حقاً، الكتاب الناجح هو بالفعل مزيج مثالي من مقدمات منطقية وشخصيات مؤثرة وجذابة ولها نكهة عظيمة، وقصة عالية المخاطر، وتيمات عميقة، ومشاهد واضحة، وأكثر من ذلك بكثير. إنها نوع من الجشطالت الأدبي (دراسة الإدراك والسلوك)، ومادة تسمو بالإلهام». يقول هول إن الروايات التي درسها هي «خليط فريد ومبتكر من الأنواع الأدبية التقليدية». ومن المستحيل صياغة معادلة لمثل هذا التفرد، وكذلك الحال في الإبداع والإلهام.
الروائي الإنجليزي الشهير وليام سومرست موم (1874 - 1965) كان مصيباً عندما قال: هناك ثلاث قواعد لكتابة رواية ناجحة. ولكن لسوء الحظ، لا أحد يعرف ما هي!
تعقيب المترجم:
الخلاصة هي أنه لا يمكن كتابة صيغة سحرية للوصول إلى لقب البست سيلر. وفي رأيي، لقب البست سيلر يعتمد على عنصرين، هما: أولاً «جودة» العمل، وثانياً «الحظ»، ونسبة الأهمية للعنصرين هي 80 % و20 % على التوالي. والله أعلم.