قال أحد الأثرياء لصاحبه: «زرني اليوم لترى الأسد الذي اشتريته»، والأسد في هذه الجملة معرفة؛ لأنه أسد معين معهود، وردّ صاحب الثري «والله إني أخاف الأسد والنمر وكل السباع»، وصاحب الثري لا يخاف من أسد صاحبه وحده بل يخاف من أي أسد، فالأسد في كلامه معرفة ولكنّ التعريف ليس لمعهود بل لجنس من الأجناس هو الأسد.
ومن طرائق التعريف إطلاق اسم يُعيّن ما سُمي به، تقول: محمد، وعليّ، وفاطمة؛ ولذلك يقال لهذا الاسم (علم)، والعلم ما يهتدى به إلى غيره، ومن ثمّ قيل عن الجبال إنها أعلام، وبالعلم شبهت الخنساء أخاها صخرًا:
وإن صخرًا لتأتم الهداة به كأنه علمٌ في رأسه نار
وكما وضع العرب أعلامًا للأفراد جعلوا أعلامًا للأجناس، من ذلك (أسامة) لجنس الأسود، و(ثُعالة) لجنس الثعالب، فإذا قلت: أسامةُ أقوى السباع فأنت لا تقصد أسدًا معيّنًا بل جنسًا يضم كل أسود العالم، وعلم الجنس بهذا وسط بين المعرّف تعريفًا عهديًّا والنكرة؛ إذ هو من حيث اللفظ كالمعهود يعامل معاملته من إخبار عنه وبيان حاله ومنعه من الصرف، ولكنه من حيث المعنى يدل على متعدد مشاع، ولذلك لا فرق في استعمال علم الجنس أن تستعمله وأنت تعنى كل الأسود أو تستعمله في حقّ واحد منها غير معيّن كما نجد في مثال النحويين المشهور (هذا أسامةُ مقبلاً) فالمعنى هذا أسد من الأسود التي تعرف ماهيتها مقبلاً. ولو أن التاجر صاحب الأسد سمّى أسده باسم خاصّ يستقل به عن سائر الأسود لكان علمًا شخصيًّا لا جنسيًّا.
ومن أعلام الأجناس أسماء الكتب مثل (المقتضب) و(أصول النحو) و(تهذيب اللغة)؛ لأن هذا العلم لا يخص نسخة واحدة بل يمكن أن تقول: امتلأت المكتبات بأصول النحو. ومن أعلام الأجناس أبنية الأسماء والأفعال، تقول: من أبنية الصفة المشبهة فعلانُ كعطشان، ومن أبنية المصادر فِعّيلى كخِصّيصى، ويكون المزيد من الأفعال على استفعلَ.
وكثر في حياتنا الصناعية استعمال أعلام الأجناس، مثال ذلك ما اتخذته شركة الخزف السعوديّ، جاء في تعريف بها «وهذه الأدوات الصحية تنتج أطقمًا كاملة أو قطعًا مفردة، وتحمل أسماء مميزة مثل: زهور، وأصداف، ومرمر، وسنا، ورنا، وتوباز، ونورا، وسوسن، وزمرّد، وغيرها». وكل السلع لها أعلام جنس، وهو ما يسمى (ماركة) أي العلامة التجارية، فالساعات منها: رادو، أوميقا، أورس، روليكس، ومن العطور: سطور، حروف، العاذرية، فتون، ومن العباءات: بشت، فراشة، عُمانيّة، ومن السيارات نجد مثلا مرسيدس، بيجو، فولفو، نيسان، تيوتا، وربما دخل تحت علم الجنس أجناس أخرى لها أعلامها مثل (تيوتا) نجد تحته: كرسيدا، كامري، كرولا، برادو.
وربما عمّم الناس علم الجنس فأطلقوه على أجناس أخرى، مثال إطلاقهم (كلينكس) على نظائر أخرى من المناديل الورقية.
الرياض