كتب - إبراهيم التركي :
تذكّرنا به إحدى إذاعات ال F.M فجر كل يوم حين تبثّ أدعيةً صباحية بصوته الشجيّ المسكونِ بجمالٍ وقوةٍ ومقدرةٍ على التلوينِ وتمكنٍ من اللغةِ وعمقٍ في نقل الإحساسِ بجمال المفردة وتغريدها، ولولا هذه الإذاعةُ الفتيّةُ لما وجدنا لاستعادته طريقًا بالرغم من ضآلة المستمعين في فترة فقرته» المسجلة» التي تبث بعد نقل صلاة فجر البيت الحرام.
غاب «محمد العبدالله الشبل» - المعروف ب «ماجد» وهو الاسم الذي اختارته له والدتُه- مذ تقاعد أو أُقعد عن العمل الرسميّ، وهو أمرٌ لا يمكن فهمه للمذيع؛ فالصوتُ لا يشيخ، والموهبةُ لا تتكرر، والنظام التقاعديّ ليس وحيًا كي يطبق دون تمييز، وربما كان من تمدد خدماتهم من الموظفين التنفيذيين ويسهل تعويضهم أحقّ بالإقصاء.
مرّ «أبو راكان» - وهذا لقبه بالرغم من عدم وجود راكان فحفظ الله له وحيدته أم ماجد - بظروف صحيةٍ أعاقته عن التواصل مع المشهد الثقافي؛ فهو مثقف وذو رؤية ومبدأ وصاحب قلم جميل، وكنا نؤمل أن ينشر سيرته المهنية التي ابتدأت في الشام واكتملت في الرياض، ولعل محبيه يتبنون كتابة تأريخه الحافل.
يختم بحكاية تبين نبله؛ فقد تواصل معه صاحبكم دون سابق معرفة وقبل دخوله الميدان الإعلامي متمنيًا منه تعليقًا صوتيّا على فيلم عن معهد الإدارة عنوانُه: نحو تنميةٍ إداريةٍ أفضل؛ فلم يتردد، وحضر لمقر المعهد بعد العصر، وكانت تلك أولّ مرةٍ يلتقي به فيها، ولأن مخرج الفيلم لا يعرف أستاذنا ماجدًا فقد بدأ يوجهه في كيفيةِ الأداء، وحين طال الأمر أومأ صاحبكم للمخرج بإشارةٍ فهمها فتوقف، وعند توديعه إياه قال أبو راكان: لولا احترامي لك للقنتُ مخرجَكم درسًا، والأكثر نبلًا أننا - بجهلٍ من صاحبكم - عددنا الأمر تطوعيًّا فلم نصرف له مكافأةً مستحقةً له، ثم خجل فلم يفاتحه بأمرها بعد ذلك، ولم يطلبها هذا الكبير، بينما يشترط سواه المبلغ قبل رد السلام.
لم يختفِ الأستاذ؛ فمدرسةُ ماجد الشبل علامةٌ بارزةٌ في وعينا الإعلامي.