تعوّد القارئ للروايات أن يقتني الرواية ويقرأها متى ما أراد، لكن الجديد مع الإعلام الجديد أن شبابا ابتكروا لهم طريقا روائيا آخر وأسلوبا مختلفا في كتابة أحداث روايتهم، فالتزموا بفصول أسبوعية على مدوناتهم تتسلسل فيها الأحداث وتتطور بين كل فصل وفصل، هذا الأسلوب الجديد استقطب مبدعين ومتابعين فأصبحت هناك العديد من النماذج الرائدة. محمد السيف صاحب رواية (قهوة عربي) التي ينشرها بشكل أسبوعي على مدونته يرى أن التحدي الكبير في كتابة الرواية الإلكترونية هو الوقوف أمام مطلبين متصادمين، الأول أن الكاتب يريد أن يبقى على أسلوب الكتابة المعتاد للرواية الورقية، حتى يبقى القارئ متعلقا بالجو الروائي الجميل المعتاد والمعشوق من كثير من قراء الرواية. والثاني أن الكتابة الإلكترونية (المدونات) لها متطلباتها من حيث طول الفقرة، وعدد كلمات التدوينة، وحجم الخط ونوعه، وطريقة تصميم المدونة، بحيث ترضي شريحة القراء الإلكترونيين. وأضاف بأنه ليس هناك قواعد أو نماذج سابقة يمكن للكاتب أن يسير عليها، إنما هي تجارب يقوم بها كل كاتب على حدة، وربما تتحول إلى علم ثابت في المستقبل. وأقرّ السيف بأن ما جعل الأمر صعب عليه شخصيا هو أنه يكتب للرواية الإلكترونية وفي مخيلته أنها ستصدر يوما ما في المستقبل كورقية. ورأى أن الفارق الأساسي هو أن القراء الإلكترونيين سريعوا الملل، لذا ينبغي مراعاة عدم إطالة الفصل الواحد عن مساحة معينة، كما أنهم ينتظرون التحديث في الكتابة بشكل سريع، فلا يمكن أن يتأخر نزول الفصل عن أسبوع أو عشرة أيام مثلا، وإلا فقدت الرواية الإلكترونية جزءا من متابعيها، وهم يتوقعون أيضا أن يتفاعل الكاتب مع تعليقاتهم واستفساراتهم لأن هذا هو المعتاد في الكتابة الإلكترونية.
وذكر بأن الكتابة الإلكترونية ممتعة جدا، فالكاتب يجد ردود الأفعال على الكتابة بشكل فوري ولا ينتظر أن ينتهي من الرواية لكي تنشر، كما أن بعض التعليقات والملاحظات التي يطرحها القراء قد تفيد في التعديل على مجرى الرواية وتحسينها. وقد يكون العنصر الأهم في طرح الرواية بشكل مجدول ومحدد هو الالتزام بتقديم المزيد للقراء المتابعين، كما أن التشجيع المتواصل يزيد من حماس المواصلة لدى الكاتب.
ومن جانب آخر، ذكر الروائي الشاب عبد الملك الشيخ -صاحب رواية (قصتي مع القدر) المنشورة في مدونته الشخصية- أنه لم يكن عازما في البداية على نشر أول جزء، ولكن بعض التعزيزات من الأصدقاء شجعته على ذلك، وفي أول أسبوع أنشأ فيه المدونة، وضع جزئين من الرواية، بعدما لمس حماساً وردة فعل لم يكن يتوقعها من المتابعين، وجعله ذلك يقرر الانتظام في تنزيلها عبر الانترنت بيوم معين وساعة معينة متى ما أمكنه ذلك. ولم ير الشيخ وجود صعوبة غالبا في ربط الأفكار وأحداث الرواية بسبب الالتزام بالفصول الأسبوعية للرواية، وذكر أنه اعتذر من متابعي الرواية أكثر من مرة لعجزه التام عن إتمام الجزء الأسبوعي، ووعد بتعويضهم في بجزء زائد عن الخطة عند الاستطاعة. وحول حجم الإقبال على الرواية الانترنتية لم يستطع تحديد عدد معين للمتابعين ولكن ذكر أنه لا يقل عن خمسين متابعا ومتابعة كحد أدنى، ولاحظ أنهم في ازدياد كبير خاصة من الأهل والأصدقاء الذين عرف بمتابعتهم لها عن طريق (تويتر). وختم حديثه بأن النشر الإلكتروني أفاده كثيرا في تحسين أسلوب الكتابة وصياغة السيناريو وتسلسل الأحداث، وأجبره على الالتزام والمحافظة على الكتابة، وعدّ ذلك من أكبر المزايا التي استفاد منها بالإضافة إلى تعرفه على المتابعين والمهتمين.