Culture Magazine Thursday  08/03/2012 G Issue 366
فضاءات
الخميس 15 ,ربيع الآخر 1433   العدد  366
 
ترشيد القراءة
عبدالله السعوي

 

معرض الكتاب -كالعادة- يحظى بمقروئية شديدة الكثافة، كما يعبِّر عن ذلك تلك الوفرة الشرائية من قِبل تلك الجماهير التي تصطك بها ممرات المعرض، حيث التدفق على ردهاته يجري باستمرار، وعلى نحو يملي ضرورة الإشارة إلى الآلية التي يُفترض أن يكون اقتناء الكتاب جارياً على وفق مقتضياتها، ويتحرك على حسب شرطها. ولا غرو، فآلية اقتناء الكتاب هي مطلب منهجي، بل تعدُّ من أبرز العناصر التأسيسية للمعرفة البناءة التي يجدر التجاوب مع مقتضيات لوازمها.

وإذا كان السلوك ليس إلا انعكاساً للثقافة، فإنَّ الثقافة هي التي تصوغ السلوك وتصنع معالم الذات، فتشتغل على تطبيعها على نحو ما، وتمنحها ماهية معينة. والكتب -كما هو معروف- ذات خطوط شتى، فكما أن ثمة كتباً تلهم الذاكرة وتقدح زناد التفكر وتشحذ روح مكابدة عناء شؤون المعرفة، فهناك في المقابل كتب تكتسي طابعاً حدياً، فهي تنمي القابلية للعنف، وتزيد في وتيرة القناعات الصارمة، وتؤجج النزعة إلى النفي والإقصاء، وتورث قدرًا من الفاشية المقيتة. وهناك كتب تروج لفكر التكفير, وتسوِّق لأيدلوجيا النفي وتعميم بواعث الاحتراب. وهناك كتب تمارس شرعنة الشك وبلورة بذوره إرهاصاً لتطبيع السلوك الإلحادي وبتّ الخيوط التي تشدّ إلى عالم الماوراء, وتكريس الانفصال عن القيمة العقدية العظمى وبالتالي تعميق الجهل ومدّ رواقه. ويشكل هذا الاشتغال الوجه الخفي لما يراد إظهاره كتجلٍّ من تجليات التوهج الذهني!.

الغاية هنا تتمثل في فك الارتباط بالإطارالأصلي للحجية والمعايرة، والذي يزودنا بالمقاييس المرجعية التي يتسنى لمن تشبع بمفرداتها الوقوف على ماهية أي أطروحة ومحاكمتها على نحو بالغ الدقة.

ومحصول القول: إن الانفتاح مطلب لا شك، لكن لمن يملك أدوات النقد والتحليل، بخلاف الحدث اليافع في عالم القراءة، فهو بحاجة ملحة لمن يرسم له معالم الطريق لكي تستوفي القراءة فعاليتها المتوخاة.

Abdalla_2015@hotmail.com بريدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة