ما أتعسَ المرءَ تسبيه المنى نزقا
ويرتقي في مَهاوي بؤسها طبقا
يخوض لجَّة دنياه لبُغيَتِهِ
وليس يحذر من أمواجها غرقا
وربما انقلبت أحواله فغدا
صباحُهُ غسقًا، أو ليلُه فلقا
يَرْبَدُّ في عينه لونُ الضحى كمدًا
ويقطع الليلَ في أحلامه أرقا
ولو درى عن مطاوي الغيب ما خَبَأتْ
في حُلمه ظل يتلو «الناسَ» و»الفلقا»
للدهر لونانِ: قد تبدي مباهجُهُ
صفوًا وتضمِرُ في طيّاتها رَنَقا
كوامِقٍ ظل يرجو وصْلَ صاحبه
ويرتوي أملاً إنْ طارقٌ طرقا
حتى اكتسى وجْهُه من فرْط فرحتِهِِ
لما رأى الحِبَّ من بشر الرضى ألقا
ثم اكفهَرَّ كئيبًا حينما قرأتْ
عيناه في صفحتَيْ محبوبه حَنقا
وظامئ يرتجي ماءً فلاحَ لهُ
لمْعُ السراب فوافى نحوه طلِقا
ثم انطوى شَرِقًا يجْترُّ خيبَتَهُ
وما استقى الماءَ؛ لكنْ بالجوى شَرِقا
فما ألذ فراقًا يسْتديمُ هوىً
وما أمَرَّ لقاءً يُعْقِبُ الحُرَقا
وهكذا الدهرُ لا ينفكُّ منقلبًا
سُرعانَ ما ينثني فيه السرورُ شَقا