إلى سامي العجلان الناقد المتواري في زمن نقاد الصدفة وسألقي بيض الكلمات
أنّى وصلتَ وأبوابي مغلَّقةٌ
وموقدي غافلٌ، والريحُ خرساءُ؟
وكيف جئتَ؟ وآثارُ الذين أتَوْا
تناهبتْها أعاصيرٌ وأنواءُ
وليس في الدربِ غيرُ الدربِ مكتهلاً
تعروه من ذكريات الخطْو أصداءُ
وكيف جئتَ؟ ومن أفرشتُهم حَدَقي
تفيّؤوا ظلَّ أهدابي وما جاؤوا
طرقتني وعلى الجدران أسئلة
ظمأى يُواثِبها وجْدٌ وإعياءُ
وليس عنديَ إلا موعدٌ هرِمٌ
ودفترٌ شَرِقٌ بالحرفِ بكّاءُ
وفي الزوايا شظايا مَنْ لقيتُهمُ
وقطعةٌ من لُباب الروح عذراءُ
قلّبتَ أشجانيَ الأولى وقد سقِمتْ
وشاخ في وجهها حسنٌ ونعماءُ
فانزاح عنها رمادُ الأمسِ. أيُّ يدٍ
كأنها إذْ تصوغُ الحرفَ ورقاء؟
بأيِّ شلالِ ضوءٍ جئتَ يا قمراً
هالاتُه في انسكاب الأفْق قمراءُ؟
لم تقرأ الحرفَ، كلّ الناس تقرؤه
في صفو روحكَ قُرّاءٌ وقُرّاءُ
كنتَ الشفيفَ الرؤى، أرسلتَها هَجَساً
وكان أبرعَ ما في الهجْس إيماءُ
عرجتَ بالنفس معراجاً ينوء بها
وقد كفاها إلى أقصاك إسراءُ
وسُقتَ للشعر شعراً فاقه ألقاً
فغرّدتْ في مقام الشوقِ أنداءُ
ماذا تخبئ؟ في عينيك ملحمةٌ
وفي تقاسيمِك الغرّاءِ أشياءُ
إني أخافك، بعضُ الخوف قنطرةٌ
إلى الأمان، وبعض الأمن رمضاءُ
إن كان أشجاك مزمارٌ لهوتُ به
إن المزامير تشجي وهي صمّاءُ
عندي ترانيمُ ما أنضجتُها؛ حَذَراً
ألا يكون لها في الفيح أفياءُ
هي الحدائقُ كانت أمسِ راقصةً
كانت تغنّي. أما قد قيل (غنّاء)؟
لكنها دفنت في الرمل فتنتها
إذْ كشّرتْ عن نوايا الجدب صحراء
فاهبُبْ عليها حناناً، واسقها جَذَلاً
فنبضُ مُزنِك للأرواحِ سقّاءُ
يا لاخضراركَ في أرضٍ مُرَزَّأةٍ
بالمجدبين! وكم شِيئوا وما شاؤوا!
الغالبين ذُباب الصيف، أسبقُهم
عند اشتيار رحيقِ المجد مشّاءُ
أضدادُ روحك زادوا البوحَ جلجلةً
ما النورُ لو لم تكن في الجوّ ظلماء؟
يا ماءُ ما كنتَ ترضى مِِيتةً ظمأً
لو ذقتَ طعمَ الظما يا أيها الماءُ