كنت قبل هذا قد دونت شيئاً ذا بال عن ياء النسب اقتضاه المقام وقد حدثتني نفسي تواً أن أكتب عن ياء النسب فيما يخص (الاسم المقصور). وقد رأيت القوم في هذا الحين فيما يحوم حول النسب إلى ياء المقصور يقعرون في هذا كثيراً وإنما جاء ذلك الحق أقول عن جهل في حقيقة اللغة ومراميها ودلالتها واستعمالاتها لا سيما تلك التي تحتاج إلى فك وعمق وطول نظر متمكن جداً وهذا التمكن لا يحصل بطول القراءة أو الاستذكار أو يحصل بطول الممارسة المنهجية ما لم يكن ذلك واجداً له الاستعداد الفطري لعلم اللغة. ولهذا تجد كتبة هذا العلم يحومون حول كثير من علومها لكنهم لا يصلون إلى ما يشفي الغليل. والاسم المقصور بعيد سلّمه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه إذا اقترنت فيه ياء النسب.
وسوف إن شاء الله تعالى أجلب شيئاً في اختصار غير مخل ليدرك العالم والمحقق والباحث والطالب كيف يكون ذلك؟
والاسم المقصور هو: ما كان آخره ألف ممدودة، وتُعرب هذه الألف بأن يتعذر ظهور العلامة عليها وذلك نحو: (جاء مصطفى).
فجاء: فعل ماضٍ.
ومصطفى: فاعل مرفوع بالضمة على آخره (منع من ظهورها التعذر).
أما كيفية النسبة في هذا فكما يأتي:
أولاً: إذا لحقت (ياء النسب) الاسم المقصور.
فإن كانت (الياء رابعة) في اسم متحرك شريطة أن يكون الثاني فيلزم حذفها ضرورة مثل:
أ - أدرى - أدري.
ب - قطنى - قطني)
ثانيا: إن كانت (الياء) رابعة في اسم ساكن فقد أجاز العلماء حذف الياء،
أو قلبها واواً وذلك كما في هذا المثال:
أ - (عجلى - عُجلي).
ولا بد من ضم الحرف الأول (ع).
ب - (قمري - قُمري).
وهنا فقط يضم الحرف الأول في(الثاني).
ثالثاً: إذا كانت (الياء) هي الحرف الخامس فهنا تنتفي الحال التركيبية الحذف. وذلك مثل: (وفادى - وفادي - أو وفادية). وقس على هذا لكن بعلم بدراية وسداد.
وفي الأكثر من كونها الخامسة فعلى هذا:
(مستسقى - مستسقي) وقرأت: (مُسعى) قلت لا بأس لكن لعلها قياسية لا سماعية وقرأت: (مشفى) ولم أجده، وقرأت: (مدرى) وهو: سماعي والمدرى (قرن الوعل).
قال النابغة الذبياني: (شك الفريسة بالمدرى فأنفذها.. البيت..).
وقد ترد ياء النسب ثالثة أريد (ثالث حرف) وترد (خامسة) كما سلف وأكثر وكل بين هذا وذاك بحسبه.
ففي ورودها (ثالثة) لك قارئي العزيز أن تقول مثل:
أ - (قطى - قطوي).
ب - (لُمى - لموي).
ج - مرقى - مرقوى).
د - مُعطى - معطوي).
وهكذا.
تنبيه خارجي:
قرأت لبعض العلماء وخطب الجمعة ولبعض النقاد والصوفية آثاراً باطلة يذكرونها من باب الاستشهاد في مقالاتهم وكتبهم وحواراتهم من ذلك:
1- (أدبني ربي فأحسن تأديبي).
2 - (إنما بعثت لأتمم محاسن الأخلاق).
3 - (خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء).
4 - (من حج فلم يزرني فقد جفاني).
5 - (من زارني بعد مماتي وجبت له شفاعتي).
6 - (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة).
وتلاحظون تكرار الياء هنا في محل لا تصلح له (ولهذا فليس على هذه الآثار نور النبوة لمخالفتها أصل التوحيد ووجود الخلل في الأسانيد).
فليت قومي يعون.
الرياض