يقف البازعي كثيرا أمام إشكالية المجال التداولي «لصناعة مفهوم العقل المعرفي» ويتضح هذا الأمر من خلال تحليله لمفاهيم الفلسفة والفكر والتنوير والعقلانية والعلمانية وهي مفاهيم وثيقة الصلة بذلك المجال.
فهو يرى أن المثقف العربي فشل في تحقيق منجز فلسفي يضاف للعقل المعرفي العربي، منجز يشبه المنجزات التي قدمها فلاسفة الغرب أو منجز «يوازي منظور هايدغر في الابتكار أو الأهمية» -53-، أو الانشغال بسؤال «على مستوى مشابه أو مواز» -53- له، أو «طرح رؤية فلسفية أضافت إلى اجتهادات الفلاسفة الآخرين إضافة تغير شكل الموروث الفلسفي» -53- وهو يعلل لهذا الفشل طبيعة بنية المجال التداولي للتجربة المعرفية العربية التي تهيمن عليها «الانتقائية»- إحدى خصائص المجال التداولي- على السجل المعرفي للعقل العربي.
فالتجربة المعرفية العربية تعتمد في تكويناتها وتأويلاتها على «الدين» مؤسس بنية المجال التداولي لا «العقلانية» فالأسئلة الكبرى للتعاريف الاستشكالية الحاملة للإشكالات وإعادة اكتشاف وصياغة حقائق الكليات عند المثقف العربي «يجب عليها الدين أكثر مما يجيب عليها العقل مستقلا عن الدين» -55-.
والعقلانية هي مجموعة من الروابط الثقافية التي تتشكل وفق أوليات بنية المجال التداولي وليست مجموعة من الاشتراطات العلمية، ويقسم البازعي العقلانية إلى قسمين عقلانية مؤسِسة للتفلسف أو العقلانية الميتافيزيقية التي تبحث في أسئلة الوجود والماهيات وعقلانية مؤسِسة للفكر والتي تبحث في الحقول المعرفية المختلفة، وأهمية العقلانية الفكرية أنها تنتج إسهامات «من شأنها تطوير تلك الحقول على المستوى النظري، وإغناء الحضارة الإنسانية من زوايا مختلفة» -56-.
والعقلانية الفكرية لا تحقق أهدافها أي «تكوين الحقيقة الاجتماعية» -برهان غليون- خارج المجال التداولي الذي تتحكم فيه الخصوصية الأيديولوجية والتي كما يذهب برهان غليون «هي التي تحدد كيفية الاستفادة من المعارف العلمية وتقوم بتوظيفها لتحقيق أهداف اجتماعية معينة يشارك في بلورتها النظام القيمي والنظام الرمزي الذي يميز كل جماعة» -اغتيال العقل، ص199-.
في حين أن التجربة المعرفية الغربية تعتمد في تكويناتها وتأويلاتها على «العقلانية» نظرا لوجود «العلمانية» -إحدى خصائص المجال التداولي الغربي- التي تسيطر على سجلها المعرفي، فالعقلانية الغربية نشأت «من الشك في كل المُسبقات والنظم الفكرية القائمة من أجل تأكيد حرية الإنسان،... والعقلانية العربية جاءت لتثبيت النظام القائم وتبرره،.. إما على صياغة القيم الغربية صياغة محلية،.. أو على استعادة قيم تراثية تتمشى مع قيم الثقافة الغربية» -غليون، السابق، 218-، دون أن تملك «أي إمكانية على الإبداع الأصيل» -السابق، 218- ويشترط البازعي لتحقيق ما يدعو إليه غليون ضابطين هما الاستقلال والإضافة وهما لا يتحققان إلا إذا تخلص المثقفون العرب من أسر «المقولات الغربية في مختلف المجالات.. والاستقلال في النظر قدر الإمكان،.. ولم يتحول عطاؤهم الفكري... إلى تهميشات أو شروح للعطاء اليوناني أو الغربي المعاصر» -56-، وكما نلاحظ أن هذين الضابطان يدعوان إلى مراعاة خصوصية المجال التداولي.
وغلبة «الدين» -خصوصية المجال التداولي- على «العقلانية» على السجل المعرفي للعقل العربي هو الذي «جعل من الفلسفة والتفلسف هامشيين قياسا إلى الوضع في الغرب» -55- والذي دفع المثقفين العرب «ممن سعوا إلى تأسيس مكون فلسفي معاصر في الثقافة العربية إما عادوا في آخر رحلاتهم العقلانية إلى الموروث الإيماني،.. أو البقاء قريبا من ذلك الموروث طوال رحلتهم» -قلق المعرفة، -55-.
ولمعرفة أسباب غياب منجز فلسفي عربي يحقق إضافة للعقل المعرفي العربي أو غياب إمكانية الإبداع والأصالة للعقلانية التي ذكرها غليون، نتوقف عند كتاب «الحق العربي في الاختلاف الفلسفي» للدكتور طه عبد الرحمن، فهو يركز على ضرورة الالتزام بخصوصية المجال التداولي لتحويل الفلسفة الخالصة إلى فلسفة حية، وضرورة الالتزام بتفعيل المجال التداولي في تبني المنظومات المعرفية لا يقتصر على الفلسفة بل على النظريات الفكرية والتنويرية والعقلانية.
إن نجاح نقل التجربة المعرفية الفكرية والتنويرية والفلسفية من بيئتها الغربية إلى البيئات المحلية يحتاج إلى ثلاثة مبادئ هي: مبدأ المعرفة الموضوعة، مبدأ التقسيم التركيبي للكلام، مبدأ التقسيم البياني للكلام.
والمبدأ الأول يعتمد على ركيزتين هما: اكتساب القدرة على الإبداع؛ المعرفة الداخلية للمنظومة المعرفية الفكرية أو التنويرية أو الفلسفية وتحصيل القوة الإجرائية؛ المعرفة الخارجية للمنظمة الفكرية الغربية.
والركيزة الأولى لا تتحقق إلا من خلال فهم المثقف العربي لأصول البنى الداخلية للمنظومة المعرفية الغربية والتداخل الوجداني مع تلك البنى هي التي تُكسب المثقف العربي القدرة على الإبداع الفلسفي أو الفكري، وهو إبداع ينتج بطبيعة الحال القوة الإجرائية التي «يحصلها الإدراك النظري العلمي».
والمبدأ الثاني يعتمد على التقسيم التركيبي للكلام، ومنظومة الكلام الفلسفي/ الفكري تعتمد على ثلاث مراتب «المفهوم» و»التعريف» و»الدليل»، ولكل مرتبة من تلك المراتب جانب عباري وجانب إشاري.
فالمفهوم له جانب عباري يتمثل في المدلول الاصطلاحي، وجانب إشاري وهو المدلول التأثيلي غير الاصطلاحي أي جملة الأنظمة الصرفية والدلالية المكونة للمدلول الاصطلاحي والممثلة لفضائه التداولي مثل الصيغ والتقابلات والتلازمات والاستعمالات، والتعريف له جانب عباري هو المضمون التقريري المثبت لخصائص الشيء، والجانب الإشاري المضمون التمثيلي لجملة العناصر التشخصية والتشبيهية التي تعزز التقرير التعريفي للشيء، وللدليل أيضا جانبه العباري الذي يمثل محتوى البنية الاستنتاجية والجانب الإشاري منه يعتمد على البنية التخييلية لجملة الصور الخيالية والاختراعية المعبرة عن الفضاء التداولي مثل المجازات والاستعارات والقصص.
وحتى تتحول تلك المراتب إلى معطيات حيوية لصناعة منجز فلسفي/ فكري عربي لا بد من تحقيق توازن بين الجوانب العبارية والجوانب الإشارية للتجربة الفكرية المنقولة أو ما نسميه - إقتداء بطه عبد الرحمن - «تأثيل المفهوم الفكري» أي تحقيق المجال التداولي من خلال ربط الجانب العباري العمومي بالجانب الإشاري الخصوصي.
والمبدأ الثالث هو التقسيم البياني للكلام، تصاغ المنظومة البيانية للكلام على أساسين هما»العبارة» و»الإشارة»، والعبارة هي الكلام الملتزم بضوابط القوانين العقلية والدال على الحقيقة والمتصف باللفظ الصريح والتركيب المحكم، والإشارة هي الكلام المعتمد على الخيال والمتصف بالمجاز، وكون العبارة ملتزمة بقوانين المعقولات فهو التزام يحرمها من خاصية التداولية ويمنحها مقتضى التعالي وخاصية التشاركية العمومية، والبيان العباري هو «القول الذي يبني البنية الظاهرة» ويقوم على ثلاثة أسس هي «مبدأ الحقيقة، ومبدأ الإحكام، ومبدأ التصريح».
ومبدأ الحقيقة هو أن يتطابق المعنى بين ما وُضع له وبين الذهن والمحيط الخارجي، ويتميز هذا الأساس بالاصطلاح والمطابقة.
ومبدأ الإحكام ويعتمد على نوع الإحالة واستعمالاتها، وخصائص هذا المبدأ؛ التواطؤ والقرب والاستقرار؛ أي توحيد دلالة العبارة مع اختلاف استعمالاتها.
والقرب يُقصد به سهولة الانتقال من لفظ العبارة إلى معناها والانتقال من معنى العبارة إلى لفظها دون مساعد توضيحي.
والاستقرار يُقصد به ثبات مضمون العبارة، وأي تغير في المعنى أو تشكيك فيه لا يُزيل عن المضمون عبارته كطريقة استعمال للقول في المعنى على مستوى التركيب والمواضعة، بل يفوق المضمون صلاحيته على مستوى قيمته التي تُُحدد من خلال المطابقة للواقع وموافقة الاستدلال.
إذن تغير ثبات المضمون لا يؤثر على صورية العبارة بل يؤثر على قيمتها كمطابقة للواقع وموافقة للاستدلال.
والإشارة هي «القول الذي ينبني بنيته غير الظاهرة»، وتقوم على ثلاثة أسس هي: المجاز والاشتباه، والإضمار.
المجاز المقصود به أن تكون الألفاظ داخل التركيب الإشاري مستعملة في غير ما وضعت له في الأصل من المعاني، ولها وظيفتان: الاستعمال والازدواج.
الوظيفة الأولى تداولية وهي أن الإشارة تحتوي على إحالة تتصل بالسياق المخصوص لها لتوضيح غاية المتكلم.
والوظيفة الثانية دلالية وهي أن ظاهر الإشارة يختلف عن باطنها، وأن الغاية عادة تكمن في باطن الإشارة.
والخاصية الثانية الاشتباه والمقصود بها؛ أن الإشارة تملك مصدرين للاختلاف هما:
السياق الاستعمالي الآحادي «التقلب»؛ أي تغير مضمون الإشارة مع تكرار استعمالها السياقي، والتقابل الذي يملكه السياق «التضاد» وهذا المصدر يتم بواسطة غير إشارية.
والإشارة عكس العبارة؛ فاعتمادها على الخيال يمنحها حقوق الخصوصية خاصية التداولية، وخاصية الإضمار والمقصود بها أن الإشارة تملك القدرة على اختصار الألفاظ والتركيب في ظل سياق ومقام واضحين، كما تملك القدرة على رفع كفاءة خلفية الألفاظ والتركيب عبر تخزين دلالات فائضة خفية داخلهما.
أي أن الإشارة تتضمن من الألفاظ والتراكيب القدر الذي يحصل به إدراك مدلولها مع التعويل على المعارف المشتركة بين المتكلم والمستمع مع استثمار القرائن السياقية والمقامية.
وللعبارة شبكة إجرائية تربطها بالعلاقات الإشارية وهي: الحمل والنقل والاحتواء والتضمن والتعبير والتبليغ والتوصيل.
لكن كيف يؤثر هذا المبدأ - مبدأ البيان العباري والبيان الإشاري - سلبا على المنجز الفكري العربي؟.
المنظومات الفكرية تتألف من جانبين، جانب عباري وجانب إشاري، فكيف تعامل المثقف العربي مع جانبي هذه المنظومة الفكرية؟ يرى طه عبد الرحمن أن المثقف العربي وقع في مأزقين، أولهما أنه فكك تلك المنظومة على اعتبار أنها تملك جانب عباري فقط دون جانب إشاري وهذا الاعتبار كان من خلال مستويين أولهما أن المثقف العربي عزل الجانب العباري عن الجانب الإشاري عندما ترجم المنظومة الفلسفية/ الفكرية الغربية، والمستوى الثاني أنه دمج الجانبين باعتبارهما وحدة عبارية لاعتقاده أن المنجز الفكري الغربي لا يتضمن سوى الجانب العباري كونه حامل للحقائق العقلية فقط، وقاده هذا الاعتبار إلى المأزق الثاني؛ أي إنكار الحقائق التي ينتجها الخيال ظانّا أن الحقائق هي قوة عقلية فقط، في حين أن الحقائق تنقسم إلى نوعين حقائق تُنتج بقوة العقل وحقائق تُنتج بقوة الخيال.
وبذلك فالمنظومة الفكرية المنقولة «الحية» بتعبير طه عبد الرحمن هي التي لا تعتمد فقط على الجانب العباري بل تسعى إلى ابتكار مجالها التداولي أو كما يسميها «الخصوصية الإشارية» وبالتالي لا يستطيع المثقف العربي أن يبدع في تفعيل الحقائق العمومية وتطبيقها مالم يستطع ابتكار تطبيقات تتناسب مع مجاله التداولي.
ولأهمية هذه النقطة سوف أتوقف عند مسألة كيف يتشكل المجال التداولي لمكونات العقل المعرفي؟ وعند الحديث عن كيفية هذا التشكل لا بد أن نستحضر مفهومين وهما خصوصية «القصدية» وخصوصية «التمثيل».
وقبل الحديث عن هذين المفهومين علي أن أوضح بعض الأمور المهمة وهي: أن المجال التداولي هو ممارسة إجرائية تتحكم فيها المؤثِرات الحاضرة التي تتحكم فيها هيمنة أصول بنية ذلك المجال، وبذلك فالمجال التداولي يتحرك وفق سلطتين؛ سلطة البنية وسلطة المؤثِر، وسأفصل الحديث عن «سلطة المؤثِر» ودورها في تشكيل المجال التداولي عندما أتناول كتاب أستاذنا الغذامي»الثقافة التلفزيونية».
إن المتحكم عادة في حركة المجال التداولي هي «كائنيته الثقافية» والمجال التداولي هو حاصل تلك الكائنية الثقافية، كما أنها تمثل الجانب الإجرائي للاعتقادات الثقافية للمجتمع.
فالمجال التداولي تتكون بنيته بفعل «السجل المعرفي» الحامل لمدونة ثقافة المجتمع.
ولذلك يجب على كل من القصدية والتمثيل مراعاة بنية المجال التداولي أو»الخصوصية الإشارية» كما يسميها طه عبد الرحمن أو «الثقافية الخاصة» كما يسميها برهان غليون، أو كما رمز لها البازعي»بثقافة الجمهور» في تصميم معطياتهما، وأي إنتاج معرفي لا يستثمر خصوصية بنية المجال التداولي لخلق حقل تداولي لا يحقق نجاحا، لأن غاية العقل المعرفي الذي يطبق مبادئ التنوير ومقتضيات الفكر العقلاني ويسعى إلى إنتاج مجتمع المعرفة لن تتحقق إلا من خلال تفاعل ومشاركة المجال التداولي؛ لأن المجال التداولي هو فاعل التنفيذ.
والجمهور عند البازعي هو الذي يمثل المجال التداولي خلاف المثقف، فالمثقف ممثل للنخبة وهو تمثيل قد يخرجه من منظومة المجال التداولي للجماهير على مستوى المشاركة لكنه موجود بشكل غير رسمي من خلال اتصاله الثقافي بالمجال التداولي للجمهور من أجل محاولة فهم ذلك المجال باعتباره يمثل «القاعدة البشرية الضخمة» -28- وهو ما يدفع النخبوي إلى «تحليل بنيتها الثقافية عبر قنوات علمية ومنهجية معروفة، من علم الأنثروبولوجيا إلى دراسة اللهجات إلى تحليل الشعر الشعبي»-28-.
لكنه يرى أن التعايش الصوري -دراسة المنجز الشعبي - للمثقف النخبوي داخل المجال التداولي للجمهور لم يحقق له فعالية كافية للاندماج في ذلك المجال والتأثير الكافي فيه لإحداث التغير، وسبب عدم التأثير في رأيه هو عجز المثقف النخبوي التام «عن إدراك ذلك الشائع أو فهمه ومن ثم تناوله تناولا مقنعا» -29-.
وبذلك فهو يقرر للمجال التداولي صفتين؛ القاعدة البشرية والشائع.
الجمهور كونه ممثلا للمجال التداولي أصبح سلطة في ذاته من خلال «تكرس الأنظمة السياسية الديمقراطية التي أقامت بناءها على ما صار يعرف بالقاعدة الجماهيرية التي تنتخب وتملك السلطة، أو من خلال تغلب أشكال من العطاء الثقافي على غيرها لقرب تلك الأشكال من جماهير القراء، كالرواية والمسرح الشعبي البسيط والاستعراضي،.. والسينما والتلفاز..، واكتسبت الثقافة الشعبية ..أهمية خاصة بوصفها ثقافة مهمشة على الرغم من منتجيها والمنتمين إليها» -قلق المعرفة 30-.
والمجال التداولي يتميز بالحركة والثبات معا؛ فبنيته «السجل المعرفي الحامل لمدونته الثقافية وخصوصياته الإشارية» والمحافظة على أصالة مجاله التداولي ثابتة، وفضاء تلك البنية يتميز بالحركة القابلة للتغير والتعديل والمستجِيبة للإضافة شريطة ألا تتعارض معطيات التغير والتعديل والإضافة مع أصول بنية المجال التداولي، والاتفاق مع أصول بنية المجال التداولي هو الذي يحقق «التوازنات داخل بنيان العقل، أي يحدد عقلانيته انطلاقا من المعارف العلمية التي اكتسبها وحسب شروط الثقافية الخاصة» -برهان غليون، السابق، 199- وتلك التوازنات في رأي غليون هي التي تساعد على «رؤية إمكانيات التغير الفكري واحتمالاته وطرق تحقيقه» -السابق، 199-.
وأي تغير أو تعديل أو إضافة يخالف أصول بنية المجال التداولي سوف يقابل بالرفض من قبل المجال التداولي والطرد من فضائه.
ويحدد البازعي مستويين لتأثير المجال التداولي وهيمنته على أصحابه، المستوى الأول مطبوع أي جزء من تكوين نشأة الفرد وهذا المستوى هو الذي كان السبب في فشل المنجز الفلسفي/ التنويري عند المثقف العربي لهيمنة الميتافيزيقي الديني على المجال التداولي باعتباره ممثل البنية من جانب ومتحكم في الواقع الوجداني من جانب، والمستوى الثاني مصنوع يعتمد على الاختيار والانتقائية والوعي بأهمية أصالة المجال التداولي والمحافظة على خصائصه، أي أن «نكون أنفسنا، ..نصدر عن أصالتنا ورؤيتنا وتجاربنا بعد أن نغتني بثقافة ماضينا وثقافة الآخرين، دون أن نستنسخ أيا منهما» -122-.
ولا يمكننا أن نغلق مسألة المجال التداولي للعقل المعرفي دون تقديم تحليل لأهم كتاب سعودي في هذه المسألة وهو كتاب «الثقافة التلفزيونية سقوط النخبة وبروز الشعبي» لأستاذنا المفكر الدكتور عبد الله الغذامي وهو محتوى الحلقة الرابعة من هذه الدراسة.
جدة