لعلي كنت سأجعل هذا عنوانًا لكتاب العالم الجليل الأستاذ القدير سعد مصلوح، وهو: «في النص الأدبي: دراسات أسلوبية إحصائية»؛ وذلك أن مضمون الكتاب في جوهره عرض لكيفية درس النص بمقاييس إحصائية ترتفع عن الحدس والمزاج والذوق الخاص والانطباع العابر، وهو أيضًا تطبيق عملي أنجزه الأستاذ لقياس خاصية تنوع المفردات في الأسلوب عند العقاد والرافعي وطه حسين، ودرس لشعر شوقي للكشف عن المنسوب إليه للتحقق من صحة النسبة، ثم تشخيص أسلوبي إحصائي للاستعارة في دواوين البارودي وشوقي والشابي. وأكتفي بإشارة إلى التحقق من نسبة النص إلى منشئه، وهي تعتمد على مقياس العالم الإنجليزي يول Uule وهو يعتمد على أن للمنشئ جملة من المفردات المتخيرة من اللغة تؤلف معجمًا خاصًّا يتكرر عنده على تباين في مرات التكرار، وبجملة من العمليات الرياضية يمكن معرفة خاصية المنشئ الذي يقع استعماله بين العتبتين القصوى والدنيا، وهما رقمان لما يمكن أن يكون من إنشائه، فإذا أريد التحقق من نص نُسب إليه ولا يعلم صدق نسبته أجريت عليه العملية الإحصائية، فإن وافق مدى العتبتين فهو للمنشئ. وتبدأ الإجراءات بإعداد قائمة من المفردات الصالحة للقياس لمعرفة التوزيع التكراري، وهي عملية تتألف من خطوات خمس هي تدوين الاسم، وبيان عدد تكراره، وترتيب الأسماء معجميًا، وتصنيفها حسب مرات الورود في فئات، وعدّ بطاقات كل فئة، ثم تجرى عمليات حسابية متوالية، ومثال ذلك أن تكون الفئة أسماء تكررت 3 مرات، فالخطوة الأولى ضرب 3 في عدد كلمات الفئة، والخطوة الثانية ضرب مربع الفئة 3×3 في عدد كلماتها، ويفعل هذا في كل الفئات، ثم تجمع نتائج الخطوة الأولى، وتجمع نتائج الخطوة الثانية، ثم يطرح مجموع نتائج الأولى من مجموع نتائج الثانية، ثم يقسم الحاصل على مربع نتائج الخطوة الأولى، وللتخلص من الكسور يضرب الرقم في 10000، وسيكون الناتج هو خاصية المنشئ. وعند الدراسة التطبيقية اختار الأستاذ تسع قصائد من الشوقيات الثابتة النسبة إليه ومثلها لشوقيات مجهولة، ومثلها للشوقيات الروحية وهي أعمال شعرية نشرت بعد موته ويُزعم أن روحه أنشأتها، واستطاع الباحث الفذ باستعمال معادلة يول التي مرّ شرح مختصر لها أن يبين خاصية شوقي اعتمادًا على ما ثبت له وبموازنتها بنتائج القصائد المجهولة استطاع أن يثبت بعضها وأن ينفي بعض، وأما القصائد الروحية فيبين التفاوت الواضح في الخصائص بين الشوقيات الثابتة وبينها أنها لا تنتمي إلى شعر شوقي. ولعل هذا الإجراء صالح لمعرفة نسبة المخطوطات المجهولة لمن نسبت إليه، كتاب جدير بالقراءة الجادة.
الرياض