Culture Magazine Thursday  02/12/2010 G Issue 323
قراءات
الخميس 26 ,ذو الحجة 1431   العدد  323
 
نصيب الأدب في المملكة العربية السعودية
من سلسلة «أصوات معاصرة» المصرية لمؤسسها الدكتور حسين علي محمد وذكريات معه
د. عبد الله الحيدري

كيف يتسنى الحديث عن «أصوات معاصرة» دون الحديث عن علاقتي بمؤسسها الصديق العزيز الدكتور حسين علي محمد - رحمه الله - الذي عرفته قبل نحو عشرين عاماً في أول سنة قدم فيها إلى المملكة العربية السعودية أستاذاً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكنت حينها أدرس السنة التمهيدية للماجستير في قسم الأدب بكلية اللغة العربية بالرياض التابعة لجامعة الإمام، وكان من بين أساتذتي في الماجستير الدكتور محمد عارف محمود حسين، وكان يسكن في شقة مجاورة لشقة الدكتور حسين علي محمد في حي (غبيراء) جنوب مدينة الرياض.

وفي تلك السنة كان لي نشاط إعلامي مكثّف في إذاعة الرياض، وفي جريدة المسائية مشرفاً على الملحق الثقافي بها، فدعوت أستاذي الدكتور عارف للمشاركة، فلبى الدعوة مشكوراً، ثم عرّفني بالدكتور حسين علي محمد الذي عرفت فيما بعد أن له نشاطاً لافتاً في الصحف والمجلات، وأنه شاعر وناقد وله حضور عربي، فتوثقت العلاقة بيننا وأصبح كاتباً أسبوعياً في جريدة المسائية، (وأول مقالة نشرت له في «المسائية» عنوانها» شاعر يضع يده على جرح الشعر»، وتاريخ نشرها 4-6-1412هـ - 10-12-1991م)، ومشاركاً في البرامج الإذاعية، وأصبحنا لا نكاد نفترق، ويأتي العام 1426هـ - 2006م لينتقل عملي رسمياً من وزارة الثقافة والإعلام إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ مما جعل الصلة تقوى وقد أصبحنا ننتمي إلى كلية واحدة وقسم واحد، مع لقاءات خارج الجامعة يتولى الدعوة لها والترتيب لنجاحها أستاذنا وصديقنا المشترك الدكتور محمد الربيِّع.

ويبدو أن عشرين عاماً من المعرفة الحميمية الوثيقة مع الدكتور حسين علي محمد كافية للإدلاء بشهادة منصفة في حقه، فهو طاقة إبداعية لافتة: شاعراً، وقاصاً، ومسرحياً، ومقالياً، مع قدرات أخرى تتمثل في الممارسة النقدية والعمل الصحفي بكافة أشكاله، والتأليف، والنشر الورقي، والنشر الإلكتروني، والتوجيه والرعاية للباحثين الجدد من طلبة الدراسات العليا، والعناية بالمواهب الشابة.

وكل هذه المواهب تزينها نفس سمحة وتواضع جم، وحب لخدمة الآخرين، وسعة أفق، ورغبة في التعريف بالأدب العربي في كافة أقطاره دون إقليمية ضيقة أو انتقاء موجّه.

وثمة عوامل أسهمت في بلورة هذه الروح الوثّابة التي امتاز بها صديقنا العزيز الدكتور حسين علي محمد - رحمه الله -، في مقدمتها انفتاحه المبكر على الأدب العربي خارج بلده مصر حينما درس عدنان مردم بك من سوريا، وتعاون في إصدار مشترك مع الشاعر السوري مصطفى النجّار، ودرّس في الجمهورية اليمنية، وتعاقد للعمل في المملكة العربية السعودية منذ عام 1411هـ - 1991م وحتى وفاته في شهر شعبان من عام 1431هـ.

ومن هنا فإن إقامته الطويلة في المملكة العربية السعودية لم تكن إقامة رسمية تتمثل في التدريس في الجامعة والعودة إلى منزله، بل كانت إقامته في العاصمة الرياض ذات الجو الثقافي المتنوع دافعاً له للامتزاج القوي معه، مؤثراً ومتأثراً، ومقيماً العديد من الصداقات والعلاقات الوثيقة مع الأكاديميين والإعلاميين والمبدعين، ومشاركاً في العديد من المناشط الثقافية في الرياض وفي غيرها من المدن السعودية.

وماذا أقول عن علاقة وطيدة متينة ربطتني بالراحل العزيز عشرين عاماً تقريباً صديقاً وأخاً أجد في منزلي رائحته، وفي سيارتي عبقه، وفي ملفاتي أوراقه بخطه، وفي حاسوبي مراسلاته، وفي كل مكان التقيته فيه صوته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

لقد كانت وفاته وهو في سن الستين يحمل طموحات كثيرة لمنجزات أكثر صدمة كبيرة لي، وضاعف من الصدمة ترشيحه لي للمشاركة في حفل «أصوات معاصرة» في أواخر شهر شعبان، واقتراحه أن أكتب عن نصيب الأدب السعودي في السلسلة، فاستجبت سريعاً لرغبتي مشاركته الفرحة ببلوغ السلسلة ثلاثين عاماً، وقمت بترتيب أمور السفر ومعي الصديق سعد بن عايض العتيبي متطلعاً إلى لقاء الصديق في عرسه الثقافي، غير أن إرادة الله عز وجل قضت ألاّ نلتقي وأن يلقى وجه ربه في الشهر الذي كان مقرراً إقامة الحفل فيه، وهو شهر شعبان من عام 1431ه، ولذا رأيت أن أنشر الورقة ليقرأها زملاؤه ومحبوه بعد رحيله تغمده الله بالرحمة والمغفرة.

نصيب الأدب في المملكة العربية السعودية من «أصوات معاصرة»:

من بين إصدارات سلسلة «أصوات معاصرة» التي نيّفت على المئتين، وصدرت في المدة من 1980 - 2010م وقفت على ثلاثة عشر كتاباً لمؤلفين سعوديين، أو لمؤلفين عرب عن الأدب السعودي، وصدرت في المدة من 1998 - 2010م، وتنوعت بين دراسة أدبية، ومقالات، وديوان شعر، ورواية، لمؤلفين مشاهير، ومؤلفين شباب يُصدرون أعمالهم للمرة الأولى، ومعنى ذلك أن القائمين على السلسلة كانوا يهدفون إلى تقديم الأعمال الجيدة بغض النظر عن شهرة المؤلف، إضافة إلى السعي الحثيث للتنويع في الإصدارات، والرغبة في تقديم جوانب من الأدب والفكر والثقافة في المملكة العربية السعودية إلى القراء العرب في كل مكان، وفي مصر بوجه خاص، والإصدارات هي:

1 - أزاهير الرياض: حوارات في اللغة والأدب والثقافة مع الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع، من جمع عنتر مخيمر، وصدر في القاهرة بالتعاون مع دار هبة النيل للنشر والتوزيع عام 1998م.

2 - ملف الأدب السعودي. وقد حمل الرقم (46)، وصدر في يناير1999م، ويقع في مئة وستين صفحة من القطع المتوسط، وتضمن دراسات لعدد من الباحثين، وقصائد لنحو عشرين شاعراً سعودياً، يأتي في مقدمتهم: حمزة شحاته، وحسن القرشي، وطاهر زمخشري. وقد صدر الملف في طبعة ثانية عام 2003م، وحمل الرقم (96).

3 - أدباء معاصرون: الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع سيرة وتحية، تحرير محمد عبد الواحد حجازي، وصدر في الإسكندرية بالتعاون مع دار الوفاء لدنيا الطباعة عام 2000م، وحمل الرقم (47) من سلسلة إصدارات أصوات معاصرة.

4 - إطلالة البوح، وهو ديوان شعر للشاعر السعودي الشاب مقعد بن عبيد السعدي، ويقع في ثمان وسبعين صفحة من القطع دون المتوسط، وحمل الرقم (66)، وصدر في فبراير 2001م بالتعاون مع هبة النيل للنشر والتوزيع بالقاهرة. وقد تصدرت الديوان دراسة نقدية له في ست صفحات بقلم الدكتور حسين علي محمد.

5 - مراجعات في الأدب السعودي من تأليف الدكتور حسين علي محمد، ويقع في صفحة، وحمل الرقم (77)، وصدر في 2002م.

6 - أدب المهجر الشرقي من تأليف الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع، وحمل الرقم (87)، وصدر في عام 2002م.

7 - حوارات في الأدب والثقافة مع الدكتور محمد بن سعد بن حسين، ويقع الكتاب في ثلاثمئة وخمس وثلاثين صفحة من القطع المتوسط، وحمل الرقم (98)، وصدر في يوليو 2003م بالتعاون مع هبة النيل للنشر والتوزيع بالقاهرة.

8 - الشعر السعودي في قضية البوسنة والهرسك، وهي أطروحة ماجستير للباحث هاجد بن دميثان الشدادي، ويقع الكتاب في ثلاثمئة وخمس وخمسين صفحة من القطع المتوسط، وحمل الرقم (105)، وصدر في عام 2003م بالتعاون مع هبة النيل للنشر والتوزيع بالقاهرة.

9 - الغياب، وهي مجموعة قصصية للأديب المعروف محمد المنصور الشقحاء، وتقع في أربع وستين صفحة من القطع دون المتوسط، وحملت المجموعة الرقم (145)، وصدرت في مايو 2005م.

10 - الزهرة المحترقة، وهي رواية للدكتور محمد بن سعد بن حسين، وتقع في مئة وستين صفحة من القطع دون المتوسط، وحملت الرقم (192)، وصدرت في يناير 2007م بالتعاون مع هبة النيل للنشر والتوزيع بالقاهرة. وقد تضمنت الرواية دراسة نقدية في ثلاث عشرة صفحة بقلم الدكتور حسين علي محمد.

11 - الأديب السعودي الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع (كتاب تذكاري) من تحرير علي محمد الغريب، وصدر في القاهرة بالتعاون مع هبة النيل العربية للنشر والتوزيع عام 2009م.

12 - اللغة العربية في عصر العولمة الثقافية: مقاربات ثقافية لفهم مصطلحات عصرية من تأليف الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع، ويقع في اثنتين وسبعين صفحة من القطع دون المتوسط، وصدر في أوائل عام 2010م، ولم يحمل رقماً رغم وجود صفحة تحمل ارتباط الكتاب بسلسلة أصوات معاصرة.

13 - لآلئ وأصداف: بحوث وقراءات في الأدب العربي من تأليف الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع ويقع في مئة وستين صفحة من القطع المتوسط، وحمل الرقم (219)، وصدر في يوليو 2010،ويعد أحدث إصدارات أصوات معاصرة. وقد تصدّرت الكتاب مقدمة للدكتور حسين علي محمد مؤسس أصوات معاصرة بعنوان «الدكتور محمد الربيِّع.. كما عرفته».

ومعنى ذلك أن الأدب في المملكة العربية السعودية أخذ ما نسبته 7% تقريباً من اهتمام «أصوات معاصرة»، وهي نسبة جيدة إذا قارناها بنصيب الآداب العربية الأخرى من السلسلة، ونتطلع في المستقبل إلى أن تزداد هذه النسبة، وأن تأخذ المرأة السعودية الأديبة نصيبها من اهتمام السلسلة، وأن يسعى القائمون على السلسلة إلى التنويع في الأسماء من جميع المناطق السعودية، وحبذا أن يكون اهتمام أصوات معاصرة بالأدب العربي بشكل عام وفق خطة مرسومة تجعل نصيب الأدب في مصر 50%، والبقية للبلدان العربية الأخرى، مع التخطيط للوصول في توزيع مطبوعاتها إلى جميع الأقطار العربية.

وإلى جانب السلسلة الرئيسة من أصوات معاصرة التي بلغت إصداراتها حتى الآن (219) إصداراً، أسهمت أصوات معاصرة بمساندة سلسلة أخرى، وهي «كتاب الرسالة»، وهو كتاب أدبي غير دوري أسسه الأستاذ علي الغريب في عام 2005م، وصدر عنه كتاب «سنابل وورود» للدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع في عام 2009م، وحمل الرقم (5) من كتاب الرسالة.

وبعد، فمن عجائب الصدف أن تعقد في الأسبوع الذي أصيب فيه بالمرض جلستان لقسم الأدب بكلية اللغة العربية حيث يعمل على غير العادة نظراً لانتهاء الفصل الدراسي، وذلك في شهر رجب 1431ه، فحضر الجلسة الأولى يوم السبت وشاهده جميع الأساتذة والزملاء، وكأنه جاء لوداعهم، وافتقدناه في الجلسة الثانية يوم الاثنين إذ جاءت الأخبار بأن جلطة باغتته في المنزل وهو يتهيأ لحضور جلسة القسم، فنقل إلى المستشفى في غيبوبة لم يفق منها، واختاره الله إلى جواره في التاسع من شهر شعبان من عام 1431ه (21-7-2010م) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

* * *

أستاذ الأدب المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض

aaah1426@gmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة