الأصدقاء الرائعون هم أجمل هدايا الحياة. وإذ تهدي لنا الأيام أحسن البشر فإننا نهديهم بدورنا إلى النسيان.
القصور الذريع في سبر جمال الراحلين - أياً كان سياق الرحيل - هو خسران مبين، أشد كثيراً من الخسران الناجم عن فقدانهم.
من الجائز القول إن قاسمنا المشترك الأشد فداحة، نحن أناس هذا الزمن، هو العجز المطبق - وإنما غير المبرر - عن استطلاع الخبايا الثمينة لأدنى الناس إلينا. في مناسبات عدة نحتاج إلى وسيط خارجي عتيد يسوقه القدر لأجل الوقوع على تلك الخبايا.
من مصادفات الحياة المضنية موافاة إنسان على قدر بالغ من العظمة والانسجام الكيميائي فيما بيننا وبينه، ولكن يحول دون مرافقته انتماؤه إلى جيل آخرَ عتيق. هاهنا، نفكر كأنما لو أننا موجودون في الزمن الخطأ.
وبالمثل، فحين نخوض تجربة بهيجة تنتابنا المرارة لحظة أن نأمل لو قاسمَنا إياها إنسانٌ بعينه، لا يقف دون مثوله معنا سوى معطيات الواقع الصارمة: طاعن جداً في السن، سالف من غير أبناء هذا العهد، عليل لا يرجى برؤه.......
يوم أن تداهمنا الكربة تلوذ قلوبنا لفورها - ودونما وعي - بأخلص الرفاق لها. أولئك هم الصادقون.
يبرع أقوام في نبش أسوأ ما لدينا، تقصّدوا أم لا، خلاف آخرين قد حباهم الله سجية شحذ الجميل الذي في مكنوننا. التصدي للأولين - صيانةَ لبقايانا - هو أشد المعارك عدالة، والتشبث بالأخيرين هو أجدر الفروض.
وعلى السواء، ثمة خَلْقٌ حوالينا، حسنوا النوايا ولا ريب، لكنهم - ورغماً عنهم - يُنكئون قبحنا، تماماً فور تعاطينا معهم، لا لأمر عدا أن العادة هكذا قد جرت. إنهم مرايا مقعرة، من طبيعتها المواظَبة على تشويه صورنا. ربما هم لا يستحقون نيل العقوبة، بيد أننا معذورون في تفاديهم.
كفى بالمرء سموّا أن يتحاشى تفاقم الأشقياء الذين بفعله، قدر المستطاع. زراعة الشقاء على دروب الآخرين ديدن الملوثين.
صدُّ المريدين خسة لا نظير لها.
كل مركول يرتدّ، بالضبط فور ارتطامه بالحائط، عدا القلب؛ إذ يمعن في الارتطام.
كيف نمقت أناساً سيلتقمهم الموت، ويلتهمهم الغياب؟
بلا منازع، النجل البكر للموت هو الفراق.
لا عدو للكيان أشد من صديق غائب.
الغائبون طوعاً أشرار في دستور الأرواح النقيّة.
وبالمقابل، ليس ثمة أنبل من عودة غائب، لا لشيء سوى رتق الجراح التي أوقعها غيابه المجحف.
في العلاقات، لا شيء أجمل من تحقيق التوقعات.
نحن لا نكون دائماً كما نريد، فضلاً عما ينبغي، ولكن تبقى نوازعنا الحسنة عذرَنا الوحيد.
ليس في الأعمال الصالحات فحسب؛ كذلك في العلاقات، تُعتدّ الأمور بخواتيمها.
من المرجح أن إدراك الحب الباهر ربما يستدعي مسلسلاً مديداً من الإخفاقات المدويّة، لأجل بلوغه.
يتنافر الناس بقدر تشابههم. أما قال أحد الفلاسفة إن عدوي هو من امتهن مهنتي؟
حتى المحبون، قد تدبّ بينهم غيرةُ الأقران فتقتات من احتياطي الحب خاصتهم رويداً رويداً، دون نبهة، إلى أن ينفد.
في هذا العصر، يتعيّن على أحدنا تسديدُ قربان إلكتروني دءوب، لدواعي البقاء على قيد الصداقة.
أقسى النهايات ما جاءت غير متوقعة على نحو مفرط.
على الأغلب، لا عتاد في حوزة المكلوم أمضى من ذخيرة الأيام.
لا حماقة أعظم من النزوع إلى استنساخ التجارب.
ts1428@hotmail.com
الرياض