(عندما يحدث لنا الأسوأ، يجب أن نتيقن أن الأقدار تريد بنا الأحسن)
إبراهيم الكوني
جرح بعد جرح
وأنا أهذي..
أنخر بقلمي جلد الورق..
وفي أعماقي يثور حزنٌ جافٌّ كحزن غابة تحترق..
أشياء كثيرة لم أكتبها بما يكفي ولا كما ينبغي..
ولا أعلم إن كانت الحروف التي لازالت مختبئة في رحم حزني ستولد سليمة بلا عيوب أو تشوهات..
من يدري ربما ولدت الحروف بلا نقط.. بلا همزات..
واستعصى على الأم - أنا قراءتها..
سذاجة..
يوما ما ظننت أن الحياة جميلة بما يكفي لنسيان الدموع برطوبتها وحرارتها وملوحتها..
لم يكن الوقت طويلا حين اكتشفت بأن ظنوني ماهي إلا حلم حلمته ذات طفولة كنت فيها أجتر الفرح من أقصى خلاياي حين كانت أمي تفاجئني بأكياس التوت المثلج..
صديقتي التي قالت لي يوما ما بأنها لن تتخلى عني أبدا نسيت أذني ملامح صوتها منذ زمن..
قالوا لي بأنها تزوجت وأنجبت وقالوا لي أيضا إنها تعبت وهي تسترجع الأسماء من ذاكرة المحذوفات لتتذكرني حين سألوها عني لسابق علمهم أننا ملتصقتين ببعضنا..
فاجأني اتصالها اليوم..
وبأنانية بشعة قالت لي الغريب أني لاأتذكرك في لحظات فرحي لكنك تصرين على الحضور حين يهصرني الألم..
وبدأت تسرد حكاياها..
ارتويت من حزنها ولم تحاول أن ترتشف ولو جرعة بسيطة من حزني..
التزمت الصمت ومسحت دمعتي..
حينَ تكونُ الحياةُ موتاً يفوقُ الموتَ!!
لم تكن امرأة عادية، كانت سلالتها ليست سلالة أرض، وصدقها ليس صدق أهل الأرض، وبالرغم من ذلك عاشت بين أهل الأرض ردحاً من الزمن دون أن تخلف ندبا في أرواحهم لكن ليس ثمة من استطاع احتواء كل البياض القابع داخل روحها.
كانت قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في شرك البشر لولا أن رحمة ربها سبقت كيدهم فالتصق الموت بها وهي لاتزال في ربيع العمر... الموت بشكل آخر ليس موتا ينفي جسدها إلى التراب إنما هو موت خنق روحها وغسل قلبها بالدم وهواء الحياة لازال يمارس عض جسدها الغض.
الإنسان للإنسان
ظنوا أن عطاءها بلاهة...
ومساعدتها لهم سذاجة وضعف...
لم يكن ثمة شيء يسعدها أكثر من رغيف خبز تصافح به كف جائع حتى وإن كانت لا تملك سواه وتشتهيه...
كانت مثيرة للدهشة لأن الصفقة لم تكن أبدا ديدنها في الحياة...
انتزعت قلبها من صدرها ووهبته لهم... ومع كل الضحكات الخبيثة التي ملأت أشداقهم وكل ذاك الغباء الذي أوقعه عليها كل من عرفها كعطاء لا كإنسان عاشت سعيدة..
فقط لأنها أسعدت الناس..
صَمْتُ الحِرْمَانِ !!
حين هي طفلة كانت الممحاة وجبتها المحببة !!
دائما توبخها أمها جراء صنيعها..
لم تكن أمها تعلم أنها تلتهمها لتمحو الوجع الجاثم على صدرها..
حرموها التهام الممحاة.
لكنهم لم يحرموا الألم من حشو روحها !!
حقيقة:
الغالية ندى الفنتوخ وجودك في حياتنا أضفى عليها جمالا وروعة كيف لا وأنت أصل الجمال والروعة والنقاء.
شكرا لله أن منحنا زهرة تعبق بالشذى هي أنت.
دمت يا أنشودة الفرح.
- الرياض