صديقي العزيز:

أكتبُ إليك بعد أن توالى الحزن على قلبي،

ولم يدع فيها متسعاً لضحك الأيام أو سعادتها.

أكتب إليك دون أن أذكر اسمك،

لأني أخصك بحديث لا يصل إلا إلى قلبك.

ثقةً مني بأنّ قلبك سيكون أرأف بروحي من قلبي.

أكتب إليك؛

لأني لا أجد من كلمات الفرح في قاموسي إلا ما سيطر عليها الحزن والألم،

ولا أجد في روحي إلا نفْساً تمزقت أنفاسًا كآبة وشجنًا.

صديقي العزيز:

ما برح الحزن يختال بين جوانحي،

وما فتئت مخالبه تنهش في شراييني،

بتُ أشكُ أن يجد الحزن ملاذاً له سوى قلبي وروحي.

صديقي:

إني أتساءل كيف لهذا الحزن لا يغادر قلبي إلا ويشتاق إليه؟،

وكيف لهذا الحزن لا يلمح بارقة فرح تلوح لي إلا ويتولى ردها وصدها؟.

ما لي هذا الشجن تتماوج أمواهه بين أضلعي؟

وما لي هذا الحزن يتمدد زهوا بين رئتيْ؟،

كأني ألمحُ من بعيدٍ داخلَ أعماقي راياتُه السوداء قد مزقت شغاف قلبي،

كأني ألمح أظافرها الحمراء تتقاطر من دمي النازف في مدارات نفسي.

صديقي العزيز:

كم يزعج عينيك هذا الأنين المتواري عبر الزمن؟،

وكم يضجرك هذا الألم المتواصل كموسيقى صامتة لم تلقَ عازفا ماهرا؟.

صديقي:

بيديَّ بعضُ شجنٍ يتوكأ على عكازٍ مكسورٍ،

وجرح لم يندمل بعدُ كأنه جمرة احتضنتها الرمال،

ودمعة حيرى تتوارى بين نهديْ جفني، وصمتٌ عميقٌ يلوذُ بين تنهدات موجعة لا تنقطع.

صديقي:

تتساءل لماذا كلّ هذا الحزن يا صاح؟

تُرى أي كلمة يمكن أن تكون إجابة لهذا السؤال الصعب؟

أي مقالٍ يمكن أن يحيط بألم إنساني عميق في قلبي؟

أي شكوىً أبعثها بين السطور لترسم في مخيلتك أي معاني اليأس في روحي؟

لكني لا يمكن أن أتركك حائرا معين سأقول لك سرا:

حين تمزق إنسانيتك،

وتقتحم أحلامك،

وتنتهك حرمة آمالك،

ألا يكفي ذلك حزنا ؟؟.

للرسالة بقية..........