ربما يكون وزيرنا المحبوب الدكتور غازي القصيبي أول المؤيدين لهذا التوجه وأعني به السعودة البصرية، حيث ينطبق في مجالنا التشكيلي ذات المعضلة التي تواجه وزارة العمل، فتدني أسعار الأعمال الفنية من (مصانع) شرق آسيا جعل الكثير من المستثمرين المحليين يعتمدون على العمل الفني المستورد من تلك المنطقة بدلاً من العمل الفني المحلي، وذلك لتزيين المنشأة التجارية سواء أكانت مكتباً تجارياً أو فرعاً لبنك أو مستشفى أو مؤسسة تعليمية أو منشأة سياحية كالفنادق، بل وصل الحال بالبعض إلى استخدام اللوحة المنسوخة إما نسخاً مباحاً أو محرماً (دون إذن الفنان) بدلاً من اللوحة الأصلية.

ويتعذر هؤلاء بمحدودية الإنتاجية لدى الفنان السعودي يرافقه ارتفاع سعر العمل الفني، وتدني مستوى هذا المنتج في الغالب، في مقابل غزارة الإنتاج والسعر المنخفض والمستوى المقبول للعمل الفني المستورد، متناسين أهمية العمل الفني المحلي كجزء من الإطار الثقافي الذي يعد واجهة سياحية أزعم أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تدعم وجوب وجودها في المنشآت السياحية على وجه الخصوص.

لذا يتكرر مشهد اختلاف الرأي بين المستثمر السعودي وفكرة السعودة، ففي مجال الفنون يسعى التاجر أو صاحب المنشأة إلى الكسب المادي أو بمعنى آخر تقليل التكلفة، دون الاهتمام بخدمة ثقافة المجتمع البصرية وبالتالي خدمة الوطن من خلالها، بينما يبرز في المقابل التاجر الذي يعي أهمية هذه الثقافة البصرية ويسعى لخدمة المجتمع من خلال السعودة البصرية.

وبالطبع مثلما برزت وتميزت عدد من الأسماء في سعودة الكادر البشري لديها، بدأت تظهر في محيطنا البصري استثناءات في عدد من الجهات كالبنوك والمستشفيات والفنادق وإن كانت محدودة من خلال بضع لوحات سعودية في الممرات أو البهو الرئيسي، ولكني شهدت بنفسي مؤخرا نزعة محدثة أتوقع أن يكون لها ردة فعل جيدة سوف تساهم بإذن الله إذا ما انتشرت في نتائج اقتصادية على المدى البعيد من خلال توفير المنتج المحلي من اللوحات التصويرية أو الأعمال ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى تأثيرها الإيجابي في رفع مستوى أداء الفنان السعودي من خلال تحفيزه على العمل لوجود المقتني، ناهيك عن تأثيرها في تقييم العمل الفني السعودي بشكل عام.

وللحديث بقية بإذن الله الأسبوع القادم مع هذه التجربة الغنية.