لا أخفي سعادتي بالشباب وإنتاجهم الفني الذي يجدد فينا التفاؤل بمستقبل الساحة التشكيلية في المملكة والواقع أن هناك من الجيل الأقدم من يسعدنا أيضاً بجديد يعبر عن إمكانية فنية مقتدرة والنماذج كثيرة ومعروفة.
مجموعة من النشاطات الشبابية السعودية في الداخل والخارج، الفنان فيصل الخديدي يطرح تجربة في اتيليه جدة تحمل مفهومه الجديد للعمل الفني وفق معطيات مختلفة، فهو يسعى لتجاوز معلقاته التي تشكلت من خامات متنوعة تحمل أفكاره ورؤاه، وبالمثل مجموعة من أبناء مدينته (الطائف) فكان بعض النحاتين والمشتغلين على خامات ومواد كان لها الدور في تقديم الصورة الأحدث لما يمتلكونه على مستوى الساحة المحلية.
لعلنا نفتقد إلى حد ما جرأة يتجاوز بها الفنان ما نعرفه أو ما نألفه في المعارض المحلية، وإن كان البعض تجرأ ليطرح مستجداته، إلا أن الأماكن (قاعات العرض) -أحياناً- لا تسعف أو تساعد على تحقيق ذلك.
العمل الفني الحديث ليس من السهولة بحيث يقدم ويتم قبوله، فهناك بدون شك مواصفات لا يمكن تحديدها ليكون للعمل الفني تأثيره وهو تأثير أراه نسبياً بين مشاهد وآخر أو فنان وآخر أيضاً، فقد اعتدنا على لوحات معلقة ومجسمات منصوبة على قاعدة تعتلي الأرض، لكنا لم نعتد على عمل مفاهيمي تركيبي فيه من المواد والخامات وطريقة العرض ما يحملنا على الإثارة، والواقع هو ما طرحه منذ أعوام عدد قليل من الفنانين ليسوا على كل حال من الشباب، فهناك مثلاً الفنان بكر شيخون صاحب التجارب النحتية بجانب أعماله التصويرية وفيصل السمرة وهناك زمان محمد جاسم الذي قدم عرضاً مثيراً في القطيف قبل أعوام كان برأيي تجاوزاً لكثير مما طُرح. وعلى مستوى الخارج عرض نايل ملا وعبدالناصر غارم ومهدي الجريبي على سبيل المثال وليس الحصر.
زمان محمد جاسم عرض أخيراً في قاعة المرخية في الدوحة ضمن مجموعة من الفنانين المنتخبين وهو في الواقع من الفنانين الشباب من خير يمثلوننا خارجياً فقد عرفته نشطاً ديناميكياً ومنتجاً ومشجعاً أيضاً لمن أراد منه شيئاً، بل وداعماً بإيجابية، وترك أثراً في بعض زملائه الفنانين خاصة في المنطقة الشرقية وتحديداً القطيف، لا يعترف هذا الفنان بالحدود وأعماله تتسم بخصوصيته هو.. فقد طبع لنفسه شخصية فنية مبكِّرة تحرك بها إلى أكثر من مدينة عربية وأوروبية، وكنت ألمس مدى حرصه الكبير على تقديم نفسه بالصورة الأجمل مع الدعوات المتعددة التي يتلقاها للعرض هنا أو هناك، كان آخرها في الدوحة وجدة وربما غيرهما. هو الآن يقيم معرضاً شخصياً في الخبر أرى أنه من المعارض الهامة التي تشهده المنطقة هذا الموسم والقاعة أيضاً.
الأسماء كثيرة ولاشك أنها تختلف من فنان إلى آخر ومن قدرة أو إمكانية إلى اخرى واتابع في الواقع النتاجات الشبابية بكل سرور، ومع ذلك فاني ارى قدرا من الاختلاف احيانا إلى حد التباين فهناك من الفنانين من يدعي نهج الحداثة الفنية ويسعى بكل طاقته إلى الممارسة الفنية، لكنها أحياناً تبقى في حدود الامكانية الخاصة من ناحية القدرات ومن ناحية استيعاب النتاجات الحديثة على مستوى المحلي أو العربي وهو ما ينقص بعض الاخوة أو الاخوات، هناك طموح ورغبة اكبر من الامكانية ذاتها أو من حيث الاستفادة وهنا لابد من الاشارة إلى ان الفن مجموعة مكتسبات وخبرات، واكتساب المعرفة الفنية من مصادرها الحقيقية وليس فقط الكتب المصورة أو النظرية جانب هام في تطوير الذات بجانب الموهبة الحقيقية وهذا ما لا يخفى على أحد.
اعتقد ان الذكاء جانب هام من شخصية الفنان، والفن ككل النتاجات الابداعية تتأتى من باب الأخذ والعطاء والتعامل مع المخزون البصري والفكري من حيث ما يمكّن من تحقيق الشخصية الفنية أو -تجاوزاً- اللمسة السحرية التي تميز الفنان، من هنا كان تميز القلة عن غيرهم.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام