سعدت كما سعد الكثير غيري بالتكريم الذي حظي به معالي الدكتور غازي القصيبي من صحيفة (الجزيرة) في المجلة الثقافية وفي عددها الاستثنائي الصادر يوم الخميس 8-3-1430هـ الموافق 5-3-2009م، وهو تكريم متميز لرجل فذ ومتميز فاجأتنا به صحيفة (الجزيرة) مفاجأة سارة جداً ومبهجة جداً، وليس هذا العمل الإبداعي غريباً على (الجزيرة) تلك الصحيفة المتميزة هي الأخرى وفق الله العاملين بها لخدمة هذه البلاد وتكريم رجالاتها العاملين المخلصين.
والقصيبي الذي لم أتشرف بمعرفته معرفة شخصية ولم أقابله أبداً شخصية تكاد تكون نادرة فهو رجل كما يعرفه الجميع عن طريق أدبه وثقافته وأقواله وأعماله الرائعة متواضع في شموخ وشامخ في تواضع ولا يملك الإنسان عندما يسمعه أو يقرؤه شعراً ونثراً إلا أن يعجب به ويحترمه ويقدره حق التقدير، وهو عملاق في جميع صفاته بما فيها الجسم الذي وهبه الله وزاده بسطة في العلم والجسم وذلك فضل الله والله يؤتي فضله من يشاء.
ولا أريد أن أسهب في الحديث عن غازي القصيبي فالكثير من الكتاب والمثقفين والشعراء الأقدر مني أفاضوا في ذلك وأجادوا بما لا مزيد عليه من شخص عادي مثلي. ولكنه خطر ببالي وأنا اتأمل في شخصية القصيبي الشاملة والمتعددة المواهب خطر ببالي شخصية أخرى لا تقل بحال عن شخصية القصيبي وإن لم يكن لهذه الشخصية الأخرى علاقة قوية بالشعر والأدب ولكن أقواله كانت في حقيقتها شعراً ومن الطراز الأول، لقد كان يلتقي مع القصيبي في كثير من الصفات وأولى هذه الصفات الصفات الجسمية فقد كان هذا الرجل عملاقاً كان طويل القامة وكان مهيباً يتسم بالاحترام والوقار والشمم، وبالمناسبة وربما يكون هذا هو السبب الذي دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو أنني وغيري من الناس لا نكاد نجد في أصحاب الأجسام الضخمة أو طوال القامة من يتمتع بالذكاء الحاد والثقافة الإبداعية إلا نادراً وأنا شخصياً لا أعرف في طول البلاد وعرضها من وهبه الله وجمع له بين الصفات المذكورة إلا رجلين لا ثالث لهما هما:
1- الدكتور غازي القصيبي - حفظه الله -، 2- الفريق أول محمد الطيب التونسي - رحمه الله -، فأما غازي القصيبي فقد أنصفته صحيفة الجزيرة وكرمته في حياته المديدة بإذن الله وهو تكريم لمثقفي وأدباء وشعراء بلادنا الغالية بل هو تكريم لجميع المثقفين العرب الذين شعروا بعودة الروح إلى أدبنا العربي الرصين بعد غياب طويل عن أيام (زحلة) وأيام (جارة الوادي) وما أدراك ما جارة الوادي التي كانت تجمع مثقفي وأدباء العالم العربي في تظاهرة ثقافية رائعة وأصيلة لا تظاهرات (شاعر المليون) وما تبثه من أدب وشعر عامي هو لا شك رمز للتخلف والضحالة والضياع.
أما الفريق أول محمد الطيب التونسي - رحمه الله - فلا علم لي بأنه كُرِّم في حياته أو بعد مماته وذلك بالكتابة عن سيرة هذا الرجل العملاق المليئة بالعطاء الثر والمفاخر العديدة والصفات النبيلة التي تميز بها. وكم كنت أتمنى أن يقوم بهذا العمل أحد معاصريه من رجال الأمن المثقفين الذين عملوا معه وعرفوه عن قرب، فسيرته - رحمه الله - جديرة بالدراسة والتسجيل بل هي جزء لا يتجزأ من تاريخ الأمن في بلاد الأمن وهي دافع وحافز وأسوة لمن سيأتي بعده من رجال الأمن أو غيرهم للسير على خطاه والتأسي بسيرته وأمانته وإخلاصه وكفاءته كيف لا وقد قال الشاعر:
تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالرجال فلاح
إنني أكتب هذه الأسطر إعجاباً بعظماء الرجال العاملين المخلصين حيث كان لي شرف العمل تحت إدارة الفريق التونسي ومعرفته عن بعد وذلك عندما تخرجت برتبة ملازم عام 1391هـ وسمعت عنه ورأيت ما يملؤني إعجاباً وتقديراً لذلك الرجل رغم قصر المعاصرة له وعدم وجود العلاقة المباشرة به، إن أقواله وأفعاله مازالت ماثلة أمامي كما أن خطابه الذي ارتجله أمام الملك فيصل - رحمه الله - في حفل افتتاح ميدان الرماية الدولي بخريص وغيره من كلماته وخطاباته البليغة لا تزال ترن في أذني، إن هذه دعوة مني إلى من عملوا مع الرجل وعاصروه وعرفوه عن قرب من حملة الأقلام أن يتحفونا بملف أو مؤلف عن الفريق أول محمد الطيب التونسي مدير الأمن العام السابق كما فعلت صحيفة (الجزيرة) وأتحفتنا بملف إبداعي عن محبوبنا ومحل اعتزازنا وفخرنا معالي الدكتور غازي القصيبي - حفظه الله ورعاه -.
اللواء/ محمد حسن العمري