سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك حفظه الله ورعاه
رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الغراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
طالعت العدد (الاستثناء) من المجلة الثقافية الذي تحتفل فيه (الجزيرة) وتحتفي بقامة من قامات الفكر والأدب والشعر والدبلوماسية والسياسية ليس في عالمنا العربي والإسلامي فحسب، بل في عالم الإنسان حيث كان، هو الدكتور (غازي بن عبدالرحمن القصيبي) مد الله في عمره، ومتعه دائما وأبدا بالصحة والسعادة..
لقد ذكرني قولك يا أستاذ خالد (يأخذني الإعجاب والانبهار بما يكتبه غازي القصيبي من شعر ونثر مما يخص به (الجزيرة) فأجدني أمام هذا الانبهار، أسير الاهتمام والعناية والإشراف بنفسي على صفها وتصحيحها وإخراجها، ضمن اهتمامي الشخصي بأن يشاركني الآخرون هذا الاحتفاء بما يكتبه الدكتور ويوجهه إلى الناس، وأزعم أن هذه العلاقة الخفية هي جزء من القيمة التي يتمتع بها فكر الرجل وسعة أفقه وتطور لغة البيان لديه بما لا منافس له في الساحة الثقافية المحلية، فهو يكتب الشعر والرواية والقصة والمقالة الأدبية والسياسية والاقتصادية والتاريخية وحتى الدينية بتفوق كبير، ودواوينه الشعرية وكتبه ودراساته تتصدر معارض الكتب والمكتبات في مختلف دول العالم، وهي من بين أهم الكتب التي يتناوب النقاد والكتاب في سباق جميل من أجل الكتابة عنها..).
لقد ذكّرني كلامك هذا بما كنت أقوم به عندما كنت رئيساً لتحرير مجلة (المسلمون)، حين تمكنت من إقناع الشيخ (علي الطنطاوي) عليه رحمات الله بأن يكتب ذكرياته، فكنت أتلقى نصوص الحلقة وأبادر بنفسي إلى صفها وتصحيحها ومتابعة طبعاتها حتى أطمئن إلى ظهورها على الصورة اللائقة المناسبة وذلك لأهميتها في ذاتها ولأهمية كاتبها العالم الأديب الموسوعي الكبير الشيخ (علي الطنطاوي) عليه رحمات الله..
ولا تعجب - يا أستاذ خالد - فما بين (الطنطاوي) صاحبي! وما بين (القصيبي) صاحبك! ما بين هذين الرجلين العظيمين صاحبيّ وصاحبيك في الحقيقة كثير من نقاط الالتقاء والتشابه؛
فكلاهما مفكر كبير.. وكلاهما أديب فذ لا تشق له غبار..
وكلاهما عمل في ميدان التعليم وكان بارزا متفوقا..
وكلاهما أحبته وسائل الإعلام، ولمع فيها، وتتبع الناس كتاباته وطروحاته، وآراءه ومقترحاته، وأحاديثه ومحاضراته ومناظراته ولقاءاته.. وكذلك فقد وهب الله كل واحد منهما، شخصية مرحة، وحسا ناقدا ساخرا، وكلاما يفيض بالعذوبة والجاذبية..
أنا - يا أستاذ خالد - لم ألتق به، ولم أسعد بالاستماع إلى أحاديثه مباشرة، ولم أتشرف بالتحاور معه، ومع ذلك فأنا أعرف عن هذه (القامة الشامخة العلياء) الشيء الكثير!
وهذا الأمر سر من أسرار هذه الشخصية الفذة الرائدة.. والسر الآخر الكبير أن مفكري وأدباء وشعراء وإعلاميي العالم العربي وغيره من الرجال والنساء قد تسابقوا في المشاركة في الحديث عنه، وعن فكره وأدبه وشعره وعطاءاته، ويكفي أن نعلم أن من بينهم المفكر الكبير الدكتور (ناصر الدين الأسد) والشاعر الكبير الأستاذ (سليمان العيسى) والدكتور (عبدالله محمد الغذامي) والأديبة (غادة السمان) والأستاذ الشاعر (حيدر محمود) والأستاذ (فاروق حسني) والأستاذ (عبدالرحمن السدحان) والأستاذ (محمد جابر الأنصاري) والشاعرة الدكتورة (سعاد محمد الصباح) والأستاذ (زكريا تامر) والأستاذ الشاعر (عبدالرحمن رفيع) والدكتور (عبدالعزيز المقالح) والأستاذ (السيد ولد أباه) والعماد (مصطفى طلاس) والدكتور (محمد الرميح) والدكتور (كلوفيس مقصود) والأستاذ (محمد بن أحمد الشدي) والأستاذة (لميعة عباس عمارة) والأستاذ الشاعر (شوقي بغدادي) والأستاذ (عبدالعزيز سعود البابطين) والأستاذ (ياسين رفاعية) والأستاذة (باتريسيا آلان بيرن) والدكتور (إيريك غوتيه) والدكتور (أحمد عبدالملك) وغيرهم وغيرهم..
وصدقني - يا أستاذ خالد - أنه لولا تكتمكم الشديد في الإعداد والاستعداد لإصدار هذا العدد - الاستثناء - من الثقافية خلال العامين الماضيين لتقاطرت عليكم عشرات المقالات والدراسات الأخرى عن شخصية الدكتور (القصيبي)، من مفكري وأدباء وشعراء العالم العربي، بل العالم كله وعند ذلك لن تكفيكم الصفحات الثماني والأربعون التي خصصتموها ل(الاستثناء) من المجلة الثقافية.. أو لاضطررتم إلى إصدار (استثنائين) أو ثلاثة لتوفوا هذه الشخصية الفكرية الأدبية حقها من الدراسة والبحث وتسليط الأضواء..
أخي الأستاذ خالد
إن الواجب يقضي أن أتقدم بالشكر الجزيل والتقدير الكبير، للأخ الدكتور (إبراهيم بن عبدالرحمن التركي) مدير الشؤون الثقافية في صحيفة (الجزيرة)، والقائد الذي أدار الحركة ورعى العمل وتابعه هو ومن معه حتى ظهر عدد (الاستثناء) هذا من مجلة (الثقافية) على الصورة الرائعة والمظهر الجميل الأخاذ الذي ظهر فيه بحيث ملأ النفس، وبهر العقل، وأورث القلب طمأنينة ورضى إلى درجة جعلت مفكرنا الكبير وأديبنا العظيم وشاعرنا الفذ الدكتور (غازي القصيبي) الذي احتفت به (الجزيرة) في عددها السنوي الاستثنائي من مجلة (الثقافية) يقول: (ليوزعوا نوبل على من شاؤوا.. لقد ظفرت بنوبلي)..
وإن نسيت فلا أنسى نقطة مهمة وأنا أختم رسالتي هذه - يا أستاذ خالد -، وهي أنكم أعلنتم بأن عددا من شخصيات بلادنا المميزة، تعد ملفاتها الآن، وستظهر تباعا في مقبل الأيام، ومن هذه الشخصيات معالي الدكتور (جميل الحجيلان) وزير الإعلام الأسبق، ومعالي الأستاذ الشاعر (إبراهيم العواجي)، وسعادة الدكتور (عبدالرحمن الطيب الأنصاري) وغيرهم، وهذه نقطة تمتاز بخصلتين جيدتين؛
أولاهما أنها تنبيه وتذكير لمن يريد أن يشارك في الحديث عن هذه الشخصيات ويدلي بدلوه في تسليط الأضواء عليها، فيكون مستعدا لذلك أو مبادرا على الأصح للبحث والكتابة. والثانية أن كل ملف يصدر عن (الثقافية) وصاحبه على قيد الحياة - وهذا ما نرجوه للجميع - هو تكريم معنوي لصاحبه يشعر به ويحسه ويعيش أجواءه وهو في هذه الدنيا، فيكون له أثره الكبير، وفعله العظيم في نفسه وأسرته وأحبابه ومعارفه.. وقد رأيتم هذا الأثر الكبير الذي خلفه عدد (الاستثناء) من الثقافية في نفس مفكرنا وشاعرنا وأديبنا الكبير الدكتور (غازي القصيبي) متعنا الله بحياته وعطاءاته الخيرة الكثيرة.. واسلم لأخيك.
د. زهير الأيوبي