هل كنا نحتاج إلى (جائزة الملك فيصل العالميّة) لنعرفَ هذا الباحث فنحتفي به صحافةً ومنابر؟ نعم..فعبد العزيز المانع بيننا «محققاً وعالماً وأستاذاً» منذ عقود، ولم نلتفت له، ولكن هل يحتاجُ الباحثُ إلى الإعلام؟ أو هل الإعلام معني بالباحثين؟.
الحقيقة أن العلماء الحقيقيين ينأون عن الأضواء، ولو شاؤوها لسارت إليهم في زمن يجوز فيه الابتداء بالنكرة حتى لو لم نجد لها مسوغاً، والأهم لدى وسائط الإعلام لاعبو الكرة والمطربون وروائيو الكهوف والدفوف؛ حيث الجماهير التي تبحث عن حركاتهم وسكناتهم.
لا تثريب إذن إن باتت معادلة المعرفة والانتشار متناسبة عكسياً؛ فالأرضُ تتكلم لغة العامة لا لغة النخب، وأصغر ملعب كرة يتسع لعشرات الآلاف وأكبر قاعة محاضرات لا تتجاوز عُشرَ ذلك، غير أن من يخلص لوجه العلم لا يأبه بلقب أو نشب.
ونحن -في هذا الملف السريع عن الدكتور عبد العزيز المانع الذي يتزامن مع الاحتفال باستلامه جائزة الملك فيصل العالمية - لا نتجاوز إشارات عابرة إلى جهوده خلال أكثر من ثلث قرن في البحث والتأليف والتدريس، ونعرف أن جهات أكاديمية وثقافية أخرى ستقوم بإصدارات عنه، ولعلها - حين تجتمع - تصنع كتاباً يروي حكايات السفر والسهر في سبيل التحقيق والتدقيق والتوثيق.
عبد العزيز المانع، ويحيى بن جنيد، وعبد الرحمن العثيمين، وحسن الشاذلي، ومحمد الشامخ وغيرهم نماذج وطنية مشرقة: زهدوا في الأضواء، وانقطعوا للعلم: قراءة أو تأليفاً، وقد سبق أن أصدرنا ملفاً عن الدكتور يحيى بن جنيد أسميناه (الناسك)، وهو لقب ينطبق على هؤلاء جميعهم؛ فحقُّهم أن نذكرهم ونذكر بهم فلا أقل لأجلهم من الوفاء.
العلم متعة.
Ibrturkia@hotmail.com