استحضروا معي الصورة التالية....
مجموعة من الأشخاص (نساء أو رجال) يتحدثون في موضوع ما، تجدهم يفتون في المسائل الدينية، ويلخصون المشهد السياسي، ويضعون حلولاً جذرية لمشكلة انهيار الأسهم، بل حتى ظاهرة العنوسة المزعومة....
هل تخيلتم المشهد؟ الحال هو ذاته في المشهد التشكيلي، حيث تجد شخصاً قرأ مقالة أو كتاب فيتحدث وكأنه ناقد، وأخرى تحب ممارسة الفنون (كشأن معظم الناس) ودرست دورة أو اثنتين تتحدث وكأنها من أبرز الفنانات، وبينما أحدهم صادف وأن التقى بفنانين أجانب وربما زار معرضاً أو متحفاً في الخارج فيرى نفسه خبير في الفن العالمي، وأخرى حصلت قبل قليل على شهادة في الفن، حديثها يشير إلى أنها هي الخبير الجديد في المشهد التشكيلي المحلي، وآخر التم حوله عدد من الشباب الصغار، واعتمد على آرائهم وحكمهم فيه ليتحدث وكأنه سوف يقودنا جميعاً إلى العالمية.
والمصيبة العظمى أن الإعلام فتح المجال لهؤلاء (الخبراء) كي ينقلوا مجالسهم إلينا (عبر الأثير) فتجد من يتخبط في تاريخ الفن أو حتى تصنيفه ويتحدث بلسان الجميع كأنه الولي والوكيل، ويحاول أن يقنعك أنه هو المتابع المؤرّخ صاحب القدرة على إيجاد المنهجية السليمة لرفعة هذا الفن بشرط أن يتولى القيادة، حيث تحولت غاية الفنان من امتاعنا بعطائه الفني إلى قمعنا بقيادته ورغبته السلطوية!
لذا وبسبب هذا (المرض المزمن) الذي يعانيه مجتمعنا التشكيلي من (شوفة النفس) كما نقول في منطقة نجد، إضافة إلى قوة الرغبة في الظهور والسلطة بشكل يفوق الرغبة في رفع مستوى الأدائية في الفن أو حتى نشر الفن ذاته! فبعض الفنانين والفنانات يهمهم المكانة والسلطة والشهرة أكثر من الفن ذاته، مع أن الهدف هو السعي لظهور العمل الفني ونشره لا شخص الفنان.
لذا أتمنى أن أرى اليوم الذي يصبح العمل الفني هو الغاية، كما أرجو من كل فنان أو فنانة في أي مقابلة أن يهتم فقط بفنه وبقضيته من خلال عمله الفني ولا يتحدث نيابة عن الآخرين، ولا مانع من نقد ما يضر ظهور فنه لا ما يضر ظهور شخصه! فمصيبتنا في مجتمعنا جهله الفني ومجالسكم الإعلامية للأسف ربما تزيده جهلا!
الرياض
msenan@yahoo.com