هذا الفنان الاقرب إلى الجيل الأول جيل عبدالحليم رضوي ومحمد السليم وصفية بن زقر ومنيرة موصلي فهو درس في معهد التربية الفنية وتخرج منه أواخر الستينيات وكانت بداية مشاركاته منذ العام 1970 كما في سيرته الفنية
تعرفت على أعماله المبكرة من خلال الصور والمعلومات التي تلقيتها منه وأنا أعد مادة كتابي (مسيرة الفن التشكيلي السعودي) الذي صدر عام 2000، كنت حينها منهمكا في الأعداد الكبيرة من الاسماء التي تمثل أجيالا وتيارات متنوعة وعند توقفي في بداياته وجدته يشارك زملاءه فناني تلك الفترة الكثير من المواضيع الاجتماعية والمحلية الراهنة، كان الفنان عبدالحليم رضوي يذكر عادة هذا الفنان عندما يتحدث عن الاسماء التي تشارك في معارض جدة ضمن نشاط مركز الفنون الجميلة فيها والذي لم يدم طويلا.
في عام1983 أقامت جمعية الثقافة والفنون بجدة معرضا كبيرا لفناني المنطقة الغربية بمشاركة فنانين من مناطق بعض مناطق المملكة، وكان خلف هذا المشروع عبدالحليم رضوي مدير الجمعية وقتها، والفنان علي الغامدي رئيس القسم التشكيلي في الجمعية (رحم الله الاثنين)
كان بكر مشاركا بأعمال ذات صلة بلوحة تحصل من خلالها على جائزة الشراع الذهبي في المعرض العام للفنانين التشكيليين العرب، المعرض كانت تقيمه الكويت خلال مارس كل عامين. كانت أعمال بكر في هذا المعرض مثيرة بالتقنية، وبالتشكيل الهندسي الإسلامي، وبالابيض الذي أثار المحكمين والجمهور، كانت اللوحة على بساطتها معقدة التنفيذ وكان بكر في مثل كل أعماله صبورا وحاذقا فالعلاقات والحدود التي تفصل المساحات كانت على درجة كبيرة من الدقة والاتقان والمادة (الخامة) التي شكل منها عمله مثيرة للتساؤل فهي على مستوى الموجود غير معروفة ولربما كان لهذا أسبابه الخارجية؟؟
درس الفنان بكر شيخون كما هو معروف في إيطاليا وهو من الاسماء التي أخذت مشروعها الدراسي بكثير من الجدية والمثابرة وكاد النحت يقاسم الرسم في اهتماماته كما هو ولعه بالموسيقى، كانت الحشوات الجصية اخذت من الفنان اهتماما كبيرا وشكل من خلال هذه التقنية مواضيعه التي عرف واشتهر بها (خاصة في الثمانينيات)، كانت من أبرز عناصره الوحدات الإسلامية وقبلها حسب اعتقادي الفتاة والحصان ورسم علاقة مابين هذين العنصرين وربما كانت الاشهر من أعماله والواقع انها ضمن حلقة من الأعمال الفنية التي اشتغلها وفق تلك التقنية والاهتمام بالفكرة لكنه في أوقات تالية وبعد توقفه متاملا ومفكرا ظهر بمجموعة نحتية مثيرة كان عرضها في بينالي الشارقة وكانت بمثابة المنطلق أو المنعطف في تجربته، رافقت هذه المجموعة النحتية أعماله التصويرية التي يمكن تصنيفها ضمن أعمال البوبارت.
كانت المناشط الخارجية كبينالي القاهرة والشارقة محفزات للدخول إلى لعبة الفن الاحدث فكان شيخون واحدا من اولئك الذين غامروا وحققوا نتائج ايجابية وجديدة على المستوى المحلي على الأقل، فعمله (السلم المقلوب) - الذي عرضه في أكثر من مناسبة وتحت أكثر من تسمية- من الأعمال المفاهيمية الأولى في التجربة التشكيلية في المملكة واستطاع بأعمال أخرى -وأن محدودة - أن يكون احد الفنانين الاكثر جرأة في خوض غمار هذه التجارب الجديدة.
كانت لعبة الفن الجديدة مثيرة وربما عصية على فهم الكثيرين سواء من الفنانين أو الجمهور لكنها أيضا المغامرة والاستمتاع بدخولها ولعبها، والدخول إليها نوع من المراهنة على إمكانية تقبلها لكنه الفن، فليس كل ما يمكننا تقديمه قابل للتلقي واعني القبول، كانت مثل تلك الأعمال الاقرب إلى الانشائية محرضا على التفكير الجديد للفن وعلى المستوى المحلي فإن من خاض هذه التجارب قليلون وباستحياء وبشيء من الحذر وربما التردد، والقبول بمواصلة المشروع هو أيضا نوع من المغامرة الفنية التي حسبها الفنان ووصل بها إلى نتائج لا أعرف مقدار قناعاته بها لكنها في الواقع نتيجة لاتقل عن اية نتيجة تحرضنا على السؤال وتثير فينا التفكير في الادوات الجديدة للفن.
لا يعنيني في الحقيقة الوصول إلى نتائج أو إجابات قاطعة في هذا المضمار لكنه الفن القابل لكل متغير والمستوعب كل تفكير حداثي.
الدمام
aalsoliman@hotmail.com