العمل الجماعي المنطلق من رؤية موحدة والمتكئ على أرضية صلبة قادر على الصمود والمواجهة والإقناع، وعندما تتلاقح أفكار متعددة وخبرات متنوعة فإن النتيجة ولا شك ستكون نضجاً.
أستحضر هذا وأنا أتابع وأقرأ بفرح الفكرة التي لا تزال في مهدها ولكنها تبشر بواقع أفضل ومستقبل أكثر إشراقاً للمسرح العربي، وأعني بها توقيع مذكرة اتفاق وتفاهم بين ثلاثة من المسرحيين السعوديين واثنين من المسرحيين المغاربة أحدهما من الجزائر والآخر من المغرب ليشكلوا معاً فريق (المشروع المسرحي العربي) الذي بدأت فكرته من فهد بن ردة الحارثي من السعودية والحسين الدجيتي من دولة المغرب وبمشاركة نايف البقمي وإبراهيم العسيري من السعودية وبلقاسم العمار من الجزائر.
المشروع في مجمله فكرة جميلة تقوم على كتابة نص مكون من عدة لوحات بحيث تنفذه فرقة مسرحية كل لوحة في بلد ويفضل أن يكون باللغة الفصحى على أن يكون العرض الأول له على مسرح محمد الخامس الوطني بالمغرب.
وهذا الحدث فضلاً عن كونه فعلاً واعياً ورؤية منهجية مشتركة قادرة على نقل الممارسات المسرحية نحو الأفضل وتجديداً في المجال المسرحي فإنه ولا شك يؤكد أن المسرح السعودي والقائمين عليه قادرون على اجتلاب الجديد من الأفكار وترجمتها وقولبتها فعلاً مسرحياً جميلاً، ولديهم القدرة على إدارة العمل المسرحي والمساهمة في إدارته بشكل ناضج.
كما أن وجود الإخوة (فهد بن ردة الحارثي والأستاذ: نايف البقمي وإبراهيم عسيري ضمن فريق العمل) أكبر دليل على ثقة الإخوة في إمكانات المسرحيين السعوديين.
الفكرة رغم كونها ما تزال في بداياتها إلا أن وثيقة المشروع تفصح بجلاء عن منطقيتها ووضوح الرؤية لها والتي من أهمها على الإطلاق إيجاد صيغة مشتركة وواقعية لمسرح عربي مشترك كما أنها ستحدث حراكاً مسرحياً جيداً وتسهم في تنامي الخبرات للقائمين على الفكرة والفرق المشاركة في تنفيذ اللوحات والعروض، كذلك فإن المشروع يخرج بالفرق الراغبة في خوض التجربة إلى آفاق أرحب ويمنحها فرصة المشاركة في قالب جديد، والمشروع بلا شك فوق كونه مشروعاً خلاقاً وهادفاً فإنه قادر على استجلاء الأفكار المشتركة وإنضاجها خصوصاً وأنه يجمع بين المسرح في المغرب العربي بتجاربه القوية واحتكاكاته بالمسارح الأكثر تقدماً في الغرب والفكر المسرحي الخليجي الذي أيضاً له بصمته المميزة.
هذا التلاقح والتمازج سيكون نواة لو قدر له الاستمرار نحو صياغة رؤية مسرحية عربية مشتركة تجمع شتات الأفكار وخبرات الممارسين لهذا اللون.
ولا شك أن قدرات (فهد الحارثي) في مجالات كتابة النص و(الأستاذ: نايف البقمي كإعلامي له تجربته الثرية في المجال الإعلامي والأستاذ: إبراهيم عسيري بخبراته المتنوعة) كانت مقنعة للإخوة في المغرب العربي بخوض التجربة لإيمانهم بالمؤهلات والفكر والقدرات التي يمتلكها المسرحي السعودي...
ما نتمناه لهذا المشروع الاستمرار وأن يكون نواة لجمع أكبر عدد ممكن من المسرحيين العرب أصحاب الخبرات في بقية البلدان وتشكيل فريق عمل قادر على صياغة وإنتاج مسرح عربي مشترك قادر على إبراز المسرح العربي بشكل يليق بجهود وأفكار القائمين عليه.
ناصر محمد العُمري- المخواة