Culture Magazine Thursday  11/06/2009 G Issue 287
مداخلات
الخميس 18 ,جمادى الثانية 1430   العدد  287
رداً على الملحم
رقص الدرفيل في قعر البرميل

 

في مقال لا يعدو الألف كلمة، حاول المدعو عبد الله الملحم، أن يحيط القارئ علماً بمجموع عنوانه: (برميل القلوب الميتة)، إلا أنه غرق في قعر ذلك البرميل ولم يستطع خروجاً، فاختنق أو كاد.

وسأحاول هنا - كوني صاحب البرميل - أن أشرح ما استغلق عليه فهمه من معنى جميل ولكن دعنا بداية ندلف إلى عالم مقاله لنأسى على نهايته ومآله.

وكما قلت فالمقال لا يعدو الألف كلمة، توزعت على ثلاثة أعمدة في صحيفة الجزيرة ليوم الخميس الواقع في الرابع من جمادى الآخرة لعام 1430هجري. الثلاثمائة كلمة الأولى، يأخذ فيها الملحم دور عالم اللغة، محاولاً أن يشرح لنا أصل وفصل اللغات بصيغ لا تخلو من الحكمة الساذجة كأن يقول مثلاً إن لغة الشعر تختلف عن لغة النثر.. ثم يتلبس لبوس عالم الاقتصاد، فيدخلنا إلى الأزمة الاقتصادية العالمية من خلال سعر برميل النفط، ليقفز فجأة ودون سابق إنذار إلى إفريز دائرة الشؤون البلدية ويوصلنا إلى عالم المطابخ، مفصلاً لنا أنواع الأطعمة من مندي ومظبي ومضغوط، وحنيذ، ولا أدري لماذا نسي الحاشي في الحواشي؟

وطبعاً لا يفوته ذكر القمامة والزبالة وهو في قعر البرميل لأنها كانت عالمه حينذاك.

ثم في الثلاثمائة الثانية، يتحول إلى عالم في الكنى والألقاب راجعاً إلى البادية بأسماء من مثل (خنفس وكلب) ولا ينسى وهو في رحاب البادية أن يذكر لنا صنوف الشعر والنثر آخذاً دور خلف الأحمر في الرواية ودور أبي هلال العسكري في التصنيف.

ثم في المائة الثالثة، يقترض كلام الدكتور بسيم عبدالعظيم وحكاية ولديه خبيري الآداب والعلوم.

ولا ينسى شتم الشاعر المصري عبدالرحمن البجاوي، ولا ذنب له إلا أنه أعجب بالمجموع. وهنا يأزف المقال إلى نهايته وليس للملحم فيه من فضل سوى ذكر كلمات «...» وأسماء الخنافس دون الطنافس.

وعند قعر البرميل يفعل فعل البخيل إذ لا يقدم لنا مما حواه البرميل سوى ثلاثين كلمة أمشاجاً لا تروي عطشاً ولا تشبع جوعاً.

هذا وصف لما حاول الرجل أن يدلس به علينا، أما التحليل، فصبر جميل وجرياً على كلامه أقول: (إن اللغة مخلوق اجتماعي يخضع للمواضعة والاصطلاح، ولكل قوم أن يضعوا براميلهم حيث يشاؤون، فبعضهم يضعه فوق البيت ليشرب منه الماء ويغتسل، ومن الناس من يضع في البراميل مؤنتة من البقوليات، وهنالك من يضعه على رأسه أو توضع رأسه فيه إمعاناً في المهانة وإن شئت قل العذاب إذا فللبرميل استعمالات عديدة قد يكون آخر ما ذكرت هو أول ما إليه قصدت يا فارس الفرسان يا من ذكرتني بأخيك (دنكش) المعروف بدون كيخوتة الحامل فوق صدره عشرين وساماً ولم يخض حرباً واحدة إلا مع الطواحين و.. البراميل، ولكنك لو حشرت فعلاً في برميل مليء بماء ثلج لرأيته بحجم وطن وأقول لك إن في تفيقهك ولغوك خلطاً بين اللغة والأسلوب فكنت كمن يسير إلى الأمام ووجهه إلى الخلف مقلوب، أما استهزاؤك بالنفط ومنه معاشك وبالمندي ومنه قوامك ففيه إجحاف وعقوق. وأقول لك إن الحقد غير النقد وإن رجلاً يرفع خبر كان لن يكون ناقداً وإن طال به الزمان فمن أصول النقد عند الكلام عن عنوان أن تعود إليه بعد تحليله لتربط دلالياً بينه وبين مضمون الكتاب المعنون به ولكنك لم تعد في مقالك الكلام عن العنوان الذي لم تر فيه غير معناه السطحي والمفهوم الأول من كلمة برميل وهو المعنى الاستعمالي في الحياة العامة (برميل نفط برميل مندي برميل زبالة) وهي المعاني التي تحيط بك ولا ألومك في ذلك ولكن عندما يصبح النهر معتقلاً وتغدو المرأة ذات بعد واحد داخل سيارة بويك ويمسي البلد زجاجاً مكسوراً يدمي الأصابع يكبر البرميل ليصير بحجم وطن مليء بالقلوب المتحجرة وهذا ما لم تره لأنك لا تجيد دخول البيوت من أبوابها فالعنوان عتبة باب النص وأنت وقفت على الأعتاب ولم تطرق الأبواب.

وأخيراً أتمنى لك المراتب العليا بعيداً عن البراميل بكل أنواعها ولا سيما المعنى المقصود الذي أرجو أن تكون قد فهمته أو حدسته فأنت رجل على ما يظهر لي منعم مرفه لن تصبر على العيش في برميل أياً كان نوعه وأنصحك - والنصيحة واجب - أن تقعد مع ذاتك وتختبر مواهبك فإني قد رأيت فيك عالماً بالألحان وفن الموسيقا والغناء وأنت إن نميت هذه الموهبة فإنك لابد ستصل إلى مرتبة (الملحن اللواء محمد عبد الوهاب وهاني شاكر).

د. سليمان البوطي

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة