Culture Magazine Thursday  11/06/2009 G Issue 287
فضاءات
الخميس 18 ,جمادى الثانية 1430   العدد  287
من مفكرتي
أميرة القحطاني

 

لأنني شديدة النسيان رأت إحدى صديقاتي أن أضع مفكرة صغيرة في حقيبتي وأدون بها ما يهمني من أمور يومية سواء كانت تتعلق بالعمل أو تتعلق بي شخصيا.

أعجبتني الفكرة وقمت بتطبيقها بطريقة أخرى غير الطريقة التي تريدها صديقتي.

في البدء كنت أريد تدوين مشاعري تجاه المواقف التي أتعرض لها ثم تطورت الفكرة تلقائيا حين وجتني أدون المواقف بما تحمل من سلبيات وايجابيات ثم بعد ذلك حين قررت نشر تلك المواقف وجدتني أمسح كثيرا مما دونت وأحتفظ بالقليل منها؛ ربما لأن الناس في الغالب لا يتقبلون الصراحة أو بمعنى آخر يتحسسون منها.

في هذه المقالة سأتحدث عن تدوينات تتعلق بتاريخ 22-4-2009 وهو تاريخ أثر فيّ كثيرا وفي نظرتي وأفكاري وتعاملي مع بعض الأمور:

يوم 22-4-2009 كنت انتظر نتائج فحوصات طبية مهمة جدا وكان بعض الأصدقاء والأقرباء يعلمون هذا الموعد وكنت أتوقع منهم أو من بعضهم الاتصال خصوصا الأكثر قربا مني من باب الاطمئنان لا أكثر فربما كانت النتائج خطيرة لكنهم لم يفعلوا.. أحدهم اتصل بعد ثلاثة أيام وبعضهم بعد أسبوعين وقد نسي بعضهم هذا التاريخ المصيري بالنسبة لي، الخلاصة أن بعض الظروف أو بعض المواقف تغربل لك الأصدقاء تضعهم أمامك مجردين من المجاملات والنفاق ويكون الموقف في هذه الحالة هو الكل في الكل وهو السيد الذي لا يكذب.

بالمقابل كان هناك اهتمام واعتذار من قبل الأصدقاء والأقرباء الحقيقيين الذين لم يكونوا على علم بهذا التاريخ وقد عوضني هذا الاهتمام عن خيبتي وصدمتي في الآخرين.

وجدت من خلال الموقف السابق أن الحب الحقيقي هو حب الأم لأبنائها وما عدا ذلك لا يعدو كونه كلاما يأتي ويذهب مع الريح.

24-4-2009 كنت في انتظار بعض الصديقات في مركز التسوق (الفيستفل سيتي) جلست في وسط الممر الطويل في مكان مخصص للاستراحة كان المركز مزدحم بجنسيات مختلفة كنت أتأملهم واحدا واحدا، امرأة، رجلا، طفلا، كانت نظرتي إليهم في تلك اللحظة سوداوية وكنت أتساءل: (ماذا سيحملون معهم من هذه الدنيا؟ لما هم منشغلون بها هكذا؟) كنت في حالة تعجب طوال تواجدي في ذلك المركز وكانت المرة الأولى التي لا أذهب فيها إلى المكتبة في الدور الثالث.

26-4 - 2009 كنت في زيارة لإحدى البلدان الآسيوية ومن خلال هذه الزيارة اكتشفت أننا نعيش في نعمة لا نشعر بها ولا نشكر عليها، الأيدي الصغير في تلك الشوارع ممدود بعضها معّوق وبعضها مبتور.

29-4-2009 في ذلك اليوم شعرت بندم لم أشعر به من قبل حين تجاهلت إحدى تلك الأيادي الصغيرة الممدودة إليّ بتوسل والسبب تافه.. تافه جدا (كنت أسير بخطوات سريعة أود اللحاق بأحد المتاجر قبل موعد الإقفال)!!

ولكم أن تعجبوا من قباحة تصرفي.

30-4-2009 الخوف من الموت يشبه إلى حد كبير (الموت)، في ذلك اليوم سيطرت عليّ فكرة الموت أو الخوف من الموت وتذكرت أن (الإنسان ضعيف) والمرض هو الوحش الوحيد القادر على كسرنا مهما كانت شجاعتنا ومهما كان مركزنا ومهما كان حجم أموالنا.

الشيء الجميل أننا بحاجة إلى هذا الوحش لأنه الوسيلة الوحيدة التي تجعلنا ننظر إلى أقدامنا قبل أن نحركها.

1-5-2009 مساءً. كنت انظر من نافذة الفندق إلى البحر كان الموج يرتطم بالرصيف ثم يرتدا إلى الخلف مكونا تعرجات كبيرة (كان منظرة مخيفا) أشعرني بالفزع.

4-5-2009 كان موعدي مع الطبيب كنت كمن يساق إلى المقصلة، الطريق كان طويلا، وكنت صامته. أجلسني الطبيب قبالته نظر إليّ تعلو وجهه ابتسامه لم يلحظها غيري، دقات قلبي كانت في تصاعد، أصابعي متشابكة حد الالتحام كل خليه في جسدي كانت تنتظر تلك الجملة: (أنت بخير)!

طريق العودة كان قصيرا ممتعا كنت أثرثر كثيرا بالرغم من أن الذين كانوا معي في السيارة لم يسمعوا صوتي!

4-5-2009 مساء. كنت انظر إلى ذلك البحر الذي يرتطم موجه في الحاجز ثم يرتد كان تلك الليلة جميلا، الموج كان يتقافز فرحا!

7-5-2009 كنت في غرفتي أتحدث إلى بعض الأصدقاء الذين ودعوني وهم خائفين.. أخبرهم إنني (عدت).

8-5-2009 زميلاتي في العمل وصديقاتي يحتفلون بي بدعوتي إلى العشاء في مركز (الفيستفل سيتي)، وصلت قبلهم كعادتي لكنني لم أجلس هذه المرة وسط الممر ولم أتأمل وجوه المتسوقين كنت منهمكة معهم (كنت أتسوق) ثم صعدت إلى الدور الثالث، وقعت عيني على رواية أسطورية اسمها (مومو) أخذتها دون تردد.

تقول مومو وهي طفلة ولدت في ملجأ للأيتام عندما سألت عن عمرها: (على قدر ما اذكر كنت موجودة دائما) ص 29.

كثيرة هي الأمور التي دونتها في مفكرتي الصغير لم اذكر منها هنا إلا ما يتعلق بتارخ 22-4-2009م.

هي فكرة جميلة تجعلك تراجع بعض أخطائك تبتسم في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى تضحك أو تغضب أو تبكي تتذكر من خلالها مواقف طريفة أو نبيلة تشعرك بالسعادة وتتذكر مواقف قبيحة تعري قباحتك وسوءك على الأقل أمام مرآتك الداخلية.

لن تكون هذه المقالة الوحيدة التي تتحدث فيها مفكرتي، سأكتب مرات كثيرة إن كان لي عمرا.

في النهاية: لن انسي يوم 22-4-2009 ما حييت ولن أنسى وما تعلق بها من أحداث ومن بشر.

* * *

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7904» ثم أرسلها إلى الكود 82244

دبي amerahj@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة