الدورة الاخيرة من بينالي الشارقة وهي التاسعة لا تختلف كثيراً عن سابقاتها، كان هذا البينالي الخليجي العربي تحول إلى اهتمام بالابعد، وان جمع الكل الفن، باعد عن كثير من اهدافه الاولى التي اعلن عنها عندما كان يقيم دوراته المبكرة، كنت ممن تابع دوراته الاولى بل وفزت في احداها باحدى جوائز البينالي، كما فاز فيما بعد محمد الغامدي واقمت ضمن انشطته معرضاً شخصياً وبالمثل عبدالعزيز عاشور، كما شاركت في بعض دوراته في الندوة الموازية للبينالي.
كانت تلك الدورات تتجه إلى العربي فاستضافت اعداداً من فناني مصر والسودان وسورية والمغرب وتونس بالاضافة إلى فناني الخليج وغيرها من الدول العربية، وكان يقيم المعارض الشخصية والتكريمية فكان عبدالحليم رضوي وشاكر حسن ال سعيد وغيرهما كثير، وكانت المطبوعات العربية وغيرها من اصدارات متنوعة من بينها لعفيف البهنسي وعمران القيسي وشاكر حسن آل سعيد وشربل داغر وطلال معلا وغيرهم.
منذ اعوام اخذت سياسة هذا البينالي تتغير فبدأ تحوله إلى اعمال وتوجهات جديدة لا نختلف على الاهتمام بها لكن الاختلاف على سيطرتها وتهميش البينالي حتى للفنانين العرب انفسهم هو ما نأسف له، فقد اصبح اقرب إلى مناسبة غربية تهتم بالاجانب اكثر من العرب وهو امر لا نختلف عليه، لكن ليس على حساب ما هو حاضر وذو قيمة فنية عالية، او مازال الاكثرون يعملون به ويجد من يقدره في مواقع ومناسبات مماثلة اخرى، بمعنى ان هناك ما هو اشبه بتأسيس من خلال البينالي لمشاهدة جديدة واسماء جديدة اعتلت منبر الجوائز والاهتمام، وهذا اذا لم نختلف على اهميته لكنه يأتي قسرا وكأنه الضد لما يمكن ان يرتجى من مناسبة نعتبرها هامة كهذه، والبينالي يديره السيد جاك برسكيان ومقيمة دورته (احتمالات لزمن مقبل) هي ايزابيل كارلوس ومقيّم ماضي الايام التالية طارق ابو الفتوح، اعجبني في دليل البينالي الاخير خطه المفاهيمي فهو في حال عدم اكتمال لكنه يكتمل بتصميمه الجديد ومادته التي تحاور المشاركين وتنقل عنهم رؤاهم الفنية وخطهم الفني ومقابلاتهم للحياة واثرها، كما ويتضمن كلمات تدافع عن مفهوم البينالي في خطه الجديد لعدد من القائمين عليه وعلى ادارته ومعلوم ان دائرة الثقافة والاعلام بالشارقة تشرف على البينالي.
التقيت الفنان محمد كاظم وهو احد اقطاب الحداثة الفنية الاماراتية تحديداً بجانب الفنان حسن شريف الاكبر سناً والاسبق تجربة وحدثني عن نهج البينالي وحرصه على التعامل مع التجارب الجديدة، وقد اشار لي في حديثه الى تقديمه للفنانين السعوديين احمد ماطر وعبدالناصر غارم سابقاً وهما لم يشاركا هذه الدورة، حدثني عن النهج الذي يتبعه البينالي والافكار الجديدة التي يسعى لطرحها وهو وزميله شريف يكتفيان بهذا الدور فقط في البينالي لانه يرى انه يتوجه إلى خط التجارب الشبابية الجديدة.
مع كل ما شاهدته في البينالي من اعمال وردة فعل المشاهدين حتى من الفنانين انفسهم - غير مشاركين طبعا - اجد وجهة نظر لا تختلف عن ان البينالي يخط طريقاً بعيداً عن الفنان العربي وعن الفن نفسه في اطار المتعارف عليه.
يقابل بينالي الشارقة هذه الدورة ارت دبي الذي استقطب قاعات وفنانين عرباً وحضوراً خليجيا كبيرا من مشاركين او متابعين. استطاع ارت دبي ايضاً ان يعوض بعض المأمول من مناسبة كبيرة كالبينالي لكننا في الواقع امام حدثين قد لا يتفقان من حيث الهدف والمفهوم فهناك فعل فني بحت خرج إلى ما ورائه بغية التعميق والوصول إلى النقطة القصوى، اما ارت دبي فهو يسعى إلى عرض الفن في سوق متاحة للكل خاصة المقتدرين من محبيه وتجّاره، وهو امر جديد على المنطقة لكنه محرض على المزيد من الممارسة الفنية والانتاج كما انه وسيلة اكبر للشهرة فاعمال الفنانين مع ارت دبي ستتنقل من مكان إلى اخر ومن ودولة إلى اخرى وقد ترتفع اثمانها، على عكس البينالي الذي يقف العمل الفني مكانه سواء بتلك المنشات الكبيرة اوالافكار الصغيرة، مع امكانية توثيقه.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام