نَاحَتْ حَمَائِمُهُ عَلَى أَغْصَانِهِ
فَهَمَتْ سَحَائِبُهُ عَلَى كُثْبَانِهِ
يَبْتَزُّهُ لَيْلُ السُّكُوْنِ فَيَنْطَوِي
سِفْرٌ مِنَ الكَلِمَاتِ فَوْقَ لِسَانِهِ
يَمْشِي عَلَى وَجَعٍ وَلَيْسَ أَمَامَهُ
إِلاَّ ظَلامٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِهِ
يَشْكُو وَلِلشَّكْوَى المَرِيْرَةِ خِنْجَرٌ
يَهْفُو إِلَى الدَّفَّاقِ مِنْ شِرْيَانِهِ
أَيُلامُ؟ كَلاَّ... مَنْ يَلُوْمُ مُكَبَّلاً
وَالنَّارُ رَاقِصَةٌ عَلَى أَرْدَانِهِ؟!
يَغْشَاهُ عَجْزٌ لَمْ يَزَلْ يَشْقَى بِهِ
وَأَشَدُّ مَا يُشْقِيْهِ عَجْزُ بَيَانِهِ
لَوْلا يَدُ الأَمَلِ الَّتِي تَحْنُو عَلَيْ
هِ لَكَانَ شِلْواً فِي دُجَى أَكْفَانِهِ
اللهَ يَا زَمَنَ العَجَائِبِ فِيْكَ مَا
يُوْرِي هَشِيْمَ الهَمِّ فِي وِجْدَانِهِ
كَالشَّمْسِ لَكِنْ غَامِضٌ كَاللَّيْلِ لَ
كِنْ وَاضِحٌ... أَعْيَاهُ طَبْعُ زَمَانِهِ
فِي فِيْهِ مَاءٌ مَا يَقُوْلُ؟ كَفَاهُ مَا
نَقَشَتْهُ أَدْمُعُهُ عَلَى أَجْفَانِهِ
الدَّرْبُ مُمْتَدٌّ وَأَشْبَاحُ الدُّجَى
مَسْعُوْرَةٌ سَلَبَتْهُ نَجْمَ أَمَانِهِ
يَرْنُو وَلَيْسَ يَرَى.. خُطَاهُ حَبِيْسَةٌ
وَفُؤَادُهُ كَمْ تَاهَ عَنْ خَفَقَانِهِ!
يُصْغِي وَصَوْتُ النَّايِ مَبْحُوْحٌ... يَكَ
ادُ يَغَصُّ بِالمَوَّارِ مِنْ أَشْجَانِهِ
فِي قَبْضَةِ الصَّمْتِ الرَّهِيْبِ كَأَنَّهُ
سِجْنٌ... وَمَا أَدْرَاكَ عَنْ سَجَّانِهِ؟
يَجْتَاحُهُ جَدْبٌ أَرَاقَ رُوَاءَهُ
وَأَطَاحَ بِالمُخْضَلِّ مِنْ أَغْصَانِهِ
قَالُوا لَهُ: تَاللهِ إِنَّكَ شَاعِرٌ
فَمَضَى يُخَضِّبُ لَحْنَهُ بِجَنَانِهِ
لَمْ يَلْتَفِتْ... حَتَّى غَدَا شَدْوُ البَلا
بِلِ وَالجَدَاوِلِ مِنْ صَدَى أَلْحَانِهِ
لَكِنَّهُ أَمْسَى وَحِيْداً... هَلْ تُرَى
خَدَعُوْهُ مُذْ تَرَكُوْهُ فِي حِرْمَانِهِ؟
جُرْحٌ تَغَلْغَلَ فِي حَشَاهُ فَمَنْ يُضَمِّ
دُ جُرْحَهُ؟ مَا كَفَّ عَنْ جَرَيَانِهِ
لَمْ يَلْتَفِتْ رَغْمَ الأَسَى... إِلْهَامُهُ
وَحْيٌ بِهِ يَسْمُو عَلَى أَقْرَانِهِ
سَيَظَلُّ يَرْسُمُ لَوْحَةَ الإِحْسَاسِ مِنْ
أَفْرَاحِهِ طَوْراً وَمِنْ أَحْزَانِهِ
هُوَ شَاعِرٌ... وَالشِّعْرُ لا يُصْغِي لَهُ
مَنْ لا يَعِي وَالوَقْرُ فِي آذَانِهِ