(مقدمة) -1-
لا تعد أي ثنائية آلية تمثيل للمحتوى الخطابي بقدر ما تعبر عن كيفيات لتنامي علاقات تمثيلية بمنحنيات خاصة تؤدي إلى ارتباطات رمزية ذات وظيفة إحالية لغاية تجمعية تكون في شمولها إطارا للمفهوم ووحدة عضوية للمصطلح، وتلك الوظيفة هي التي تحول الثنائية إلى استراتيجية خطابية يتشكل من خلالها الحقل الخطابي.
والحديث عن تبلور استراتيجية عبر آلية التحول لاشك أنه يقود إلى فكرة الانزياح المبنية في أساسها على معادلة تعويضية بمظاهرها المختلفة، تلك المعادلة لا نستطيع أن نقربها من مفهوم الإزاحة والإحلال مع أن محتواها تعويضي ليس لأن مضمونها غير ثنائي فقط بل لاختلاف آلية التعويض التي تعتمد على الهدم وليست التكاملية، فالتكاملية وظيفة من وظائف الثنائيات، وإن اعتبرها الغذامي في كتابه مظهرا من مظاهر الثنائيات، كما تعد خاصية من خصائص الميدان الخطابي وليست من خصائص الحقل الخطابي.
هذا لا يعني أن الثنائيات تنفصل عن فكرة الانزياح على العكس كما سنرى فيما بعد بأنها ممثلة رئيسة لإتمام وظائف الثنائيات، لكنها ليست بديلة عن الثنائية بل متممة لوظائف الثنائية. وهكذا يمكن أن نقدم تعريفا أوليا للثنائية كونها استراتيجية خطابية بأنها (تخطيط معياري لتطور وتنظيم علاقة نسقية مخصوصة).
ومن خلال ذلك التعريف نستطيع التوصل إلى أن الثنائيات هي سلسلة تكون من خلالها محيط معرفي، وبالتالي فإن عملية التطور الذهني التي تقودها تلك السلسلة عبر مجموع علاقات محيطية كممثلات لجسد التجربة هي التي تدفع النظام النسقي إلى تأليف روابطه على مستوى التأثر والتأثير وتنظيمها عبر أشكال المنجز المؤقت أو الدائم. وقد يرى البعض أن هذا التعريف الأولى للثنائية يدمج بين مفهوم الآلية للثنائية والمفهوم التعريفي لها، وهو رأي لا يمكن إغفال اعتباره، لأن الثنائية مفهوم وظيفي يحمل بنية اصطلاحية وليست مفهوما تنظيريا، فهي تتبع في طبيعتها المقصد من تطبيقها وذلكم لا يعني صفة تتناقض بل تميزا بالتعددية.
بصفتها استراتيجية
وهو ما سعت إليه ما بعد الحداثة أي تحويل التجربة إلى مجموعة نقاط في الحقل الخطابي بقصد تحويل التجربة الإنسانية إلى منتج يتفق مع طبيعة العولمة، وبذا تتحول الثنائيات من خاصية تمييز إلى خاصية شراكة أو التحول من الفردانية إلى العلائقية، كما أن هذا التحول يفقد الثنائيات خاصية المقابلات، لمصلحة تدعيم الأحادية كمظهر من مظاهر العلاقات الشراكية التي توحد النظام النسقي للجميع لإنتاج الإنسان العالمي.
ويمكن ضبط محاور الهيكلة المعرفية للثنائيات من خلال (التعريف) والخصائص الفكرة المعرفية، المؤثر، السلسلة، المعيار، الرابط النوعي والوظائف وهي (التكاملية، التوضيحية، التصنيفية، الجمالية)، ومن حيث مظاهرها وهي (التجربة، العرق، الصفة، الفعل).
أو تحديدها وفق ما يأتي:
الهيكل المعرفي للثنائيات
تعريفها : تخطيط معياري لتطور وتنظيم علاقة نسقية مخصوصة
خصائصها : فكرة معرفية - مؤثر - سلسلة - معيار - رابط نوعي
وظائفها : توضيحية - تكاملية - تصنيفية - جمالية
مظاهرها : التجربة - العرق - الصفة - الفعل
وسأحاول تطبيق تلك الهيكلة المعرفية على ثنائيات الحقل الخطابي لكتاب القبيلة والقبائلية.
كما يمكن تقسيم أنواع الثنائيات وفق وظائفها في خطاب القبيلة والقبائلية إلى ما يأتي:
ثنائية تطويرية
ثنائية تكاملية
ثنائية تصنيفية
ثنائية جمالية
وكل ثنائية تتألف من دلالتين وفق منظومة تكوين في ذاتها ممعيرة أبنية العلاقات التي تنمو من خلالها مستويات الحقل الخطابي وتلك الممعيرة تنقسم بدورها كمحدد بناوي للثنائيات إلى:
معيار حقيقي
معيار مجازي
معيار صوري
*التعريف اجتهاد من قبل الكاتبة
*تصميم الهيكلة المعرفية للثنائيات اجتهاد من قبل الكاتبة
* * *
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7333» ثم أرسلها إلى الكود 82244
جدة