Culture Magazine Thursday  09/04/2009 G Issue 278
أفق
الخميس 13 ,ربيع الثاني 1430   العدد  278
مقاربة
خالد اليوسف يسرد (وديان الإبريزي):
بين نموذجي (حصة) و(سعد) تقع سيرة الحكاية الحالمة
عبدالحفيظ الشمري

 

القاص خالد بن احمد اليوسف يتجه في عمله السردي الجديد إلى الرواية، إذ يسم مطارحته الجديدة والجريئة بعنوان (وديان الإبريزي)، فهو الذي يستهل تفاصيلها بتوقد عاطفي مدهش، يستهل الذات على سجيتها، حيث يبني الواقعة الأولى على نحو استرشادي هام يؤكد شغفه بتدوين الحكاية الأولى.

فالمقابلة الأولى بين البطل (سعد) وحبيبته (حصة) تنحني لعاصفة العاطفة؛ حيث يشرعان معاً إلى رسم تفاصيل العلاقة ببعضها، وبمن حولهما من خلال هذا التجسيد الفطري المتميز لشأن السرد في هذه الحكاية المتدفقة شجناً، ووعياً، وتشابكاً بالأفكار والتوجهات والنزعات.

يحضر التاريخ بصيغتيه الذاتية والعامة حيث ينبري البطل لسرد تفاصيل الهزيمة الجديدة التي يمكن أن تضاف إلى الهزائم الأخرى، ناهيك أن البطل وصديقته يعانيان من ذات الأعراض التي ينغمس فيها على نحو مفرط بالتعاسة والتشاؤم وفقدان الآمل.

في الرواية تدوين نصوصي يلامس الشعر، ويعزز موقف الشاعرية التي تتناهب الموقف بين رجل وامرأة يتجاذبان سيرة الحياة، ليحاول كل واحد منهما أن يثبت للآخر أنه على وعي مناسب يؤهله أن يقيم الواقعة، ويكاشف الحياة أهم منغصاتها ومنعرجاتها التي باتت تتراجع على نحو خطير.

الرواية تعمد إلى الرسائل، والمعابر الوجدانية التي تفضي إلى التدوين، وإلى مزيد من التساوقات اللفظية التي تنبني على ما تملكه المرأة من عاطفة تجاه الرجل حينما تقع فريسة للعاطفة، وتتناهبها حالت الوجد اللاعج، فيما يحاول الرجل أن يبني مطارحاته على أسس خطابية عقلية تمتزج بالعاطفة، رغبة منه أن يصل إلى القارئ، ويقدم رؤية متكاملة عن أبرز ما يشغل ذاته.

تتنازع رواية (وديان الإبريزي) سيرة الوعي التي تدور مفصلاتها على هيكل مدينة اختارها الكاتب خالد اليوسف بعناية تامة .. تلك المتمثلة في مدينة (الخبر) التي تزخر في وهج متكامل من ضياء الوداعة والتميز في التكوين العصري نوعاً ما.

التكوين الوجداني، والترتيب العاطفي للرواية صرف البطل عن تمثل حالة المرأة بكل مكوناتها، ومنعرجاتها، واحتمالات تحولاتها الممكنة من حرارة الشوق إلى برد المشاعر، ومن عاطفة حب إلى كره محتمل، وما إلى تلك المقاربات المتوقعة من امرأة تحتكم إلى عاطفتها حتى في البوح عن رجل يقف على مشارف حياتها.

في الفصل الخامس من الرواية يحاول الروائي اليوسف أن يرتب أوراق المرأة (حصة) ليجعل من حولها مادة أخرى للحكاية التي تكونها مع شريك المشاعر والبطولة في هذه الحكاية المتقدة عاطفة ورؤى وجدانية، فهي ابنة وديان الإبريزي الذي ينهل من معين حكاية قديمة موغلة في العتق والتناسل العاطفي المترامي كتخوم عذبة من حكاية التحولات الجميلة.

في الفصول التالية يستعيد الراوي الكاتب أهم منعطفات الحياة لبطلة الرواية (حصة) ووالدها وديان الإبريزي الذي عني كثيراً بحكاية المكان، وبوصف ماهر ودقيق للزمان الذي بات حالة تأمل ترنو إلى البعيد، وقد تفضي هذه الوصفيات إلى تزاوج بين الماضي الذي يسكنه، وبين الحاضر الذي تعنى فيه ابنته (حصة) التي عاودها الحنين إلى (سعد في الفصل العاشر لترتب معه الحكاية العاطفية الموغلة في تفاصيلها الوردية، ليقف القارئ عن قرب على أبرز هذه التفاصيل الممكنة بين رجل هده العناء العاطفي، وامرأة تبحث عن ذاتها في تضاعيف سيرة مدينة تنهل من معين التقاليد والمعتقدات المتشابكة.

يختتم الروائي اليوسف سيرة حصة بنت وديان الإبريزي بلحظة تنوير واقعية تضع النقاط الوجدانية الحالمة على حروف الواقع، لتبرع المرأة بمعية سعد وشخوص آخرين في تنميق هذه الحكاية الوجدانية المكتظة بالعاطفة، والمليئة بالدفء والبهاء الإنساني النادر في وجوده هذه الأيام.

إشارة:

وديان الإبريزي (رواية)

خالد أحمد اليوسف

دار الانتشار العربي - بيروت - 2009م

تقع الرواية في نحو (184 صفحة) من القطع العادي


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة