لشجون قلبي في الحديث شجون
لو كان يُفصِحُ مِقْوَلي ويُبينُ
أخفي من الأحزان ما يوهي القوى
ولقد تبوح بما أُكِنُّ عيونُ
يا لائمي في طول صمتي إنني
أخشى بأن يسترسل المكنونُ
لو بُحْتُ بالأحزان ضاق بسَردِها
شعري وأعيا لفظَهُ المضمونُ
دعني فحسبك شاهداً لمواجعي
صمت طويلٌ يعتريه أنينُ
في الصمت أحيانا دواء ناجعٌ
لي حينَ لا يشفيني التبيينُ
أنا واحد من أمةٍ ألقى كما
يلقى سواي فمُسْعَدٌ وحزينُ
ينتابني ترحٌ كما يرتادني
فرحٌ يُديلُهما علي الحينُ
مالي إذا قابلت خلاً صدني
-رغم اشتياقي- عن لقاه شؤونُ
ألقى عليّ من العتاب صواعقاً
وسطا علي لسانه المسنونُ؟!
وإذا اعتذرت إليه عاد يلومني
أخرى على عذري له ويدينُ:
ما هكذا حق الوداد فإنني
خلٌ، وعهدي -لو وعيت- مصونُ
وإذا لقيتُ فتى خليا لم يجد
وَجْدي، ولم تُشغِلْ نُهاه شجونُ
ورأى اكتئابي قال قولة جاهلٍ:
لقد اعترى هذا البئيسَ جنونُ
لم يدْرِ ما معنى الهموم؟ ولو درى
عنها لأدرك أنه المجنونُ
إن الهموم تنالُ كل مجالدٍ
ذي همةٍ وتعاف مَنْ هُوَ دونُ
ما كل ذي هم يقاسي ليله
سُهْداً ويجفو ناظريه سكونُ
الناس أصناف فليس يلمهم
طبع إذ فتشتهم أو دينُ
والناس في آمالهم وهمومهم
شتى وإن لمَّ الأصولَ الطينُ
قد يُفرغ الناسُ الهمومَ إذا اشتكوا
فيُقلهنَّ الشاعرُ المسكينُ
والشعر قد يُفضي بأشجان الفتى
طوراً، وطوراً ينطوي ويخونُ
آثرتُ طول الصمت؛ لا من علةٍ
لكنه للبائسين خدينُ