عُهد عن الشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري اهتمامه ب(القصيدة النبطية) وله دراسات تذكر عن (المأثورات الشعبية)، يتضح ذاك الاهتمام من خلال استهلال مجلة (الدرعية) - وهي مجلة فصلية محكمة تعنى بتاريخ المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية وتراث العرب - في عدديها السابع والثامن والثلاثين بدراسة عن (الشعر العامي) الذي تناول (شعراء آل بسام في التويم وشعرهم: دراسة وتحقيق) للأستاذ سعود بن عبدالله الحزيمي والحقيقة أن موقف الشيخ الأديب الفقيه الظاهري لا يختلف عن موقف بعض الأكاديميين تجاه (الشعر النبطي)، منهم أساتذة في قسم اللغة العربية ورؤيتهم ما بين غال ومعتدل فالبعض منهم يطالب بتدريسه أكاديميا على مستوى الجامعات والآخر يطرب للاستماع إليه ويستأنس بإيراد شواهد منه، من أبرز المهتمين ب(القصيدة النبطية) الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس صاحب البرنامج ذائع الصيت - آنذاك - (من القائل) والدكتور سعد الصويان والدكتور عبدالله المعيقل وهناك أساتذة آخرون لا يود أحد أن يذكر عنهم أنهم يميلون إلى الأشعار الشعبية خشية على وجاهتهم الأكاديمية وشوهد أحدهم في إحدى العرضات الشعبية يصدح بالقصيدة في الميكروفون ومن ثم يردد وراءه من في الصفوف على نفس الأداء واللحن والنشيد.
وتراثنا كان يحتفي بالأهازيج الشعبية فالعلامة ابن خلدون ذيل مقدمته الشهيرة بنماذج حية منها وبهاء الدين الأبشيهي توج سفره (المستطرف في كل فن مستظرف) بتلك الأمثلة وكان يأتي بها بعد أن يتكلم في كل موضوع وفن ويذكر شواهده وإيضاحاته من القرآن الكريم والسنة النبوية وحكم العرب وأشعارها، و(القصيدة العامية) ازداد وهجها في زمننا المعاصر مع (المجلات الشعبية) و(أغاني فيديو كليب) وهناك شعراء أثبتوا وجودهم في الساحة على المستوى المحلي والعربي ولعل ذائقة الشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وميله لتلك (الأهازيج) أتت من خلال واقعه المعاش وإملاءات محيطه المجتمعي، لذا أراد هذا العالم الجليل الذي دائما ما يذيل اسمه بجملة دُعائية (عفا الله عنه) أراد أن يعطي لهؤلاء المنعزلين في صومعتهم الأكاديمية دروسا من أجل النظر إلى الأمور باعتدال وواقعية والبعد عن المبالغة وتهويل الأمور.. فما زال البعض من بني جلدتنا من يتصور أن القصيدة النبطية (مؤامرة) على اللغة والهوية وربما الدين.