تقدم التشكيلية المتألقة تغريد البقشي مثالا حيا للفنانة الحاضرة دائماً وفق ما تقدمه من مشاهد بصرية تتضمن في الغالب معطيات ودلالات ثرية في مجال تنشيط ذاكرة الحوار ما بين هذه النصوص وما بين عين المتلقي الذي يقف مندهشاً أمام ما تطرحه هذه الفنانة التي من خلال أعمالها تفتح نوافذ متعددة للابحار في عالمها البصري الذي يتميز بالثراء خاصة في الرؤى البصرية والتعبيرية وما تمثله نصوصها من شخوص ووجوه تتغلفها الحيرة دائماً والخوف والقلق أحياناً مما يعطي انطباعاً أولياً لدى المتلقي بأن تغريد تتعمق في دهاليز البؤس الإنساني والمرارة والحرمان ويتمثل هذا أيضاً في مسحات الحزن والكآبه التي ترتسم على محيا هذه الجماجم المتعددة التي تقدمها بشكل تتابعي وكأنها تحكي عن قصة حزن صامته أو أنها تتحدث عن معاناة إنسانية وحالة قلق تتغلف هذه الوجوه مما يولد لدى قارئ هذه المعطيات تغلل الفنانة في النفس البشرية وبالتالي الوصول إلى حجم المعاناة واستخلاصها وطرحها عبر هذا الكم الهائل من الأعمال التي جعلت من الإنسان نفسه محورا أو قضية أزلية لهذه الفنانة، أي أنها تحمل هموم ومعاناة الكثير من البشر الذين لم تتح لهم فرصة التعبير ويظل الصمت مطبقاً وحالة الرهبة والترقب والخوف من المجهول هي السمة الأبرز على تلك الوجوه، لكن تغريد وبعيداً عن هذه الحالات الإنسانية المتشائمة تقدم ومن خلال أعمالها زوايا أخرى أكثر عمقاً في العملة الإبداعية نفسها وبالتالي فإن الوجه الآخر لأعمالها يحمل معاني ودلالات جمالية راقية من خلال هذه التقنية اللونية المتميزه وقدرتها الفائقة على السيطرة على كل المساحات والفراغات في سطح لوحاتها على الرغم من استخدامها في الغالب لألوان قاتمة يقلب عليها البني والبنفسجي ودرجاتهما بما يؤكد ان سمة الكآبة والحزن هي السمة البارزة على وجوه شخوصها. ما يميز تغريد أيضاً هو هذه التقنية الواعية التي تتميز بها أعمالها من خلال نسيج لوني وتقني لا يجيده ألا القلة من محترفي اللون وتكاد تكون بما تقدمه أيضاً من حوارات فكرية ومضامين ورؤى وأبعاد
فلسفية من القلة في الشق النسائي الذي يدرك جيداً ماذا يريد قوله، أي أنها تتفاعل مع أدواتها ومعطياتها وشخوصها بوعي تام وراق أيضاً.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7322» ثم أرسلها إلى الكود 82244