وَجهٌ عَليهِ مِنَ الحَيَاءِ سَكِينَةٌ
وَمَحبَّةٌ تَجرِي مَعَ الَأنفَاسِ
وَإذَا أَحَبَّ اللهُ يَوماً عَبدَهُ
أَلقَى عَليهِ مَحَبَّةً في النَّاسِ
حينما خلق الله الخلق كتب لهم أرزاقهم وآجالهم وطباعهم وذلك لحكمة من الله عز وجل فمنهم من جبل على هدوء الطبع وحسن الخلق ولين الجانب ومحبة الناس له فمن كانت تلك صفاته فهنيئاً له، وهذا يذكرنا بأختنا الفاضلة نورة بنت عبدالله بن إبراهيم الدخيّل (أم عبدالله بن علي العجاجي) رحمها الله، والتي توفيت يوم الأحد 22-5-1446هـ، وتمت الصلاة عليها في جامع عبدالله المهيني بالرياض بعد صلاة العصر، ثم حمل جثمانها الطاهر إلى مقبرة شمال الرياض حيث وُورِيَت الثرى بمقربة من قبر زوجها -ابن الأخت سارة- الشيخ علي بن إبراهيم العجاجي، الذي سبقها إلى هناك قبل خمس سنوات -رحمهم الله جميعاً-
مُجَاوِرَ قَوْمٍ لاَ تزَاوُرَ بَيْنَهُمْ
وَمنْ زَارَهُمْ في دَارِهِمْ زَارَ هُمَّدَا
ولك أيها القارئ الكريم أن تتصور حال أبنائها وأحفادها وهم يودعونها الوداع الأخير ويهلون التراب على قبرها وما بهم من لوعة وأسى على رحيلها:
فَلَستَ بِمالِكٍ عَبَرات عَينٍ
أبت بدموعها إلا انهمالا
وذلك مع إيمانهم بقضاء الله وقدره، وبعد وقوفهم على قبرها والدعاء لها بالثبات والمغفرة من رب العباد خَرَجُوا وَأَعْيُنُهُمْ تُسارق النظر إلى قبرها ولسان حالهم يردد هذا البيت:
كَم راحِلٍ وَلَّيتُ عَنهُ وَمَيِّتٍ
رَجَعَت يَدي مِن تُربِهِ غَبراءَ
كان الله في عون أبنائها وبناتها وأحفادها بعد رجوعهم إلى منزلها وتذكرها – رحمها الله – وهم يرددون هذا البيت:
يعز عليّ حين أدير عيني
أفتش في مكانكِ لا أراكِ
وكانت ولادتها في حريملاء عام 1362هـ في حِلَّة (العقدة)، حيث يسكن والدها الشيخ عبدالله بن إبراهيم الدخيّل -رحمهم الله جميعاً- وعاشت بين أحضان والديها ومع أخوتها في بيت تسوده الألفة والمحبة. ولقد توفيت والدتها مريم بنت عبدالعزيز الغدير وهي في سن التاسعة من عمرها، وتولى والدها العناية بها مع أخوتها فأحسن تربيتهم حيث درست القرآن الكريم مع شقيقتها حصة عند معلمة القرآن (طرفة بنت العم محمد الخريف) رحمهم الله.
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
وكان لهذه النشأة والتربية الصالحة الأثر الواضح على أبنائها وبناتها حيث حرصت مع زوجها على تربيتهم التربية الصالحة.
وقد اِقْتَرَنْتُ الفقيدة بابن (الأخت سارة) علي بن إبراهيم العجاجي في أواخر السبعينات الهجرية تقريباً، فكانت له نعم الزوجة الصالحة المعينة له في حياته قانعة بما رزقهم الله، حسنة التدبير لشئون بيتها وتربية أبنائها وبناتها، وكانت -رحمها الله- حريصة على تربية أبنائها على أداء الصلاة في وقتها جماعة في المسجد ولا تقبل التهاون بها علاوة على حرصها على تعليمهم وتحفيظهم القرآن الكريم، فهي مُعظِّمة لربها ومحبة للخير آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر، سخية اليد تحرص على مساعدة المحتاجين والعطف على الضعفة والمساكين، وتشارك في تفطير الصائمين والمساهمة في كثير من المشاريع الخيرية، وكانت حريصة على صيام النوافل وقيام الليل وقراءة القرآن الكريم، والمداومة على زيارة مكة المكرمة وأداء العمرة كلما سنحت لها الفرصة، واصلةً لرحمها وقريباتها وجيرانها محبوبة لدى الصغير والكبير عفيفة اللسان ولطيفة في تعاملها مع أولادها وبناتها ومحبة للصغار وإدخال السرور عليهم بما يفرحهم من الهدايا، وكذلك تتفقد من تحت يدها من الخدم حيث تعطف عليهم وتحرص على راحتهم وإعطائهم الهدايا في المناسبات:
قَضَيتِ حَياةً مِلؤُها البِرُّ وَالتُقى
فَأَنتِ بِأَجرِ المُتَّقينَ جَديرُ
ولها مع عقيلتي (أم محمد) وكذلك الأخت طرفة (أم صالح العجاجي) وبنت أخي محمد (أم عبدالعزيز العجاجي) ذكريات جميلة فهن كالأخوات تسود بينهم الألفة والمحبة وتبادل الزيارات والأحاديث الشيقة مع بقية القريبات -رحمهن الله جميعاً- وقد عانت في الفترة الأخيرة من بعض الأمراض وظلت صابرة محتسبة لا تشكو آلامها لأحد متوكلة على الله راضية بما كتب الله لها.
تغمد الله الفقيدة (أم عبدالله) بواسع رحمته وألهم أبناءها وبناتها وأسرة العجاجي والدخيّل ومحبيها الصبر والسلوان.
تولت وأبقت بيننا طيب ذكرها
كباقي ضياء الشمس حين تغيبُ
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف