دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ
إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني
فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها
فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني
نعم هذه هي الحياة الدنيا تمر فيها الليالي والأيام سريعةً، والموفق فيها من يرحل بعمل صالح وذكر حسن، وهذا كحال الأخ الحبيب الأستاذ محمد بن حمد السليم «أبو سليم» والذي توفي مساء يوم الأحد 10-4-1446هـ، وأدى الصلاة عليه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم وعدد من المسؤولين وأهالي المنطقة وأسرة الفقيد، وذلك بعد عصر يوم الاثنين 11-4-1446هـ بجامع الرحمة بمحافظة عنيزة، ثم وُورِيَ جثمانه الطاهر بمقبرة الرحمة في أجواء حزن على فراقه -رحمه الله-:
وكُلُّ مُصِيبَاتِ الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا
سِوَى فُرْقَةِ الأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الخَطْبِ
ولقد كانت ولادته في عنيزة عام 1355هـ وتلقى تعليمه الأولي بمدرسة العزيزية بعنيزة، وهي من أوائل المدارس التي أمر الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بافتتاحها، وبعد أن تخرج منها عام 1372هـ انتقل إلى مكة المكرمة لمواصلة تعليمه الجامعي ملتحقاً بكلية الشريعة إلى أن نال الشهادة العالية منها وذلك في عام 1382هـ، بعد ذلك تم تعيينه معلماً بمعهد المعلمين بالرياض، ثم وكيلاً لثانوية اليمامة بالرياض.
وفي عام 1387 تم تعيينه مديراً لمكتب التعليم بالخرج إلى عام 1390هـ، كما تم تكليفه بتأسيس مدرسة الفيصل بالرياض وقضى فيها قرابة سبع سنوات، وفي عام 1399هـ تقاعد عن العمل التربوي والتعليمي.
وفي عام 1403هـ صدر قرار بتكليفه أميراً لمدينة عنيزة ثم محافظاً لها بعد إقرار نظام المناطق والمحافظات إلى أن أحيل للتقاعد بناءً على طلبه وذلك في عام 1418هـ.
وقد أمضى ما يقارب 40 عاماً في مسيرته التربوية والإدارية كانت حافلةً بالعطاء والإخلاص لخدمة الدين والوطن:
كَالبَدرِ مِن حَيثُ اِلتَفَتَّ رَأَيتَهُ
يُهدي إِلى عَينَيكَ نوراً ثاقِبا
«فأبو سليم» -رحمه الله- رجل محبوب لدى الجميع لما يتمتع به من خلق كريم وأدب جمٍ رفيع، فمجلسه مفتوحاً للجميع وهو عبارة عن منتدى أدبي وثقافي. كما أنه إعلامي مميز قدم برنامج (ألوان شعبية) بالإذاعة السعودية لفترة طويلة.
وَما بَقِيَت مِنَ اللَذاتِ إِلا
مُحادَثَةُ الرِجالِ ذَوي العُقولِ
ومعرفتي بأبي سليم امتدت لعقود طويلة حيث كنا نلتقي به بمدينة الرياض في بعض المنتديات والمناسبات، وبعد انتقاله إلى عنيزة كنا نتبادل معه الزيارات والإهداءات بين الفترة والأخرى، وقضاء بعض الوقت في مزرعته النموذجية بعنيزة «الفيحاء» والتي تحتوي على أجود أصناف النخيل والتمور، حيث كان كريماً بشوشاً محباً للتواصل بمعارفه وأصحابه.
فَلَيسَت عَشيّاتِ الحِمى بِرَواجِعٍ
عَلَيكَ وَلَكِن خَلِّ عَينَيكَ تَدمَعا
رحم الله الفقيد وألهم أبناءه وبناته وأسرة السليم ومحبيه الصبر والسلوان.
وَغَداً سَيَذكُرُكَ الزَمانُ وَلَم يَزَل
لِلدَهرِ إِنصافٌ وَحُسنُ جَزاءِ
** **
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء