لم ولن تتخلى المملكة العربية السعودية عن موقفها الثابت من القضية الفلسطينية على مر العصور والأزمات مهما واجهت من ضغوطات ومواقف دولية تحاول أن تثنيها عن هذا الموقف وعلى جميع الأصعدة وأوراق الضغط التي مارستها وتمارسها الدول ذات المصالح من ثني أو تذويب موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية.
ولعل بيان وزارة الخارجية السعودي الذي أتى لتصحيح أو تبيان ما ورد على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي وجاء بيان وزارة الخارجية (فإن وزارة الخارجية تؤكد أن موقف المملكة العربية السعودية كان ولا يزال ثابتاً تجاه القضية الفلسطينية وضرورة حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة كما أن المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأمريكية أنه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية وإيقاف العدوان الإسرائيلي من قطاع غزة وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة .....إلخ).
وهنا سأورد بعض مواقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية من باب الاستدلال لا الحصر ففي عام 1935م وقفت المملكة في مؤتمر لندن المعروف بمؤتمر المائدة المستديرة لمناقشة القضية الفلسطينية تأييداً لمناصرة الشعب الفلسطيني، وفي عام 1943م، أسست المملكة قنصلية عامة لها في مدينة القدس بفلسطين لتسهيل الاتصالات مع الشعب الفلسطيني وتيسير الدعم لقضيته العادلة، وعام 1945، أرسل الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- إلى الرئيس الأميركي روزفلت، رسالة يشرح فيها القضية الفلسطينية، وقد ساهمت هذه الرسالة في تغيير موقف إدارة روزفلت ووعده بعدم الاعتراف بدولة إسرائيل، وتعد هذه الرسالة من أقوى الرسائل في تاريخ الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
استمر الدعم السعودي غير الآيل للانقطاع، ففي يونيو 1967م تمكنت حملة التبرعات الشعبية في المملكة من جمع مبلغ أكثر من 16 مليون ريال في حينها، وفي ديسمبر 1968م، صدرت فتوى شرعية بجواز دفع الزكاة إلى اللجان الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني، وفي 1969م وجه حينها رئيس اللجنة الشعبية لدعم الفلسطينيين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مبادرتين، الأولى: خطاب يدعو فيه السعوديين للاكتتاب لصالح رعاية أسر مجاهدي وشهداء فلسطين بنسبة 1 % من رواتبهم، والثانية: «جل الشرف» ويلتزم من خلاله الأفراد والتجار والشركات والمؤسسات بتقديم تبرعات منتظمة لحساب اللجنة الشعبية، وفي عام 1988م بلغت حصيلة حملة التبرعات الشعبية لدعم الشعب الفلسطيني الأولى أكثر من 160 مليون ريال.
وفي عام 1989م، افتتح الملك سلمان -أمير الرياض حينها- مبنى السفارة الفلسطينية في الرياض، ورفع العلم الفلسطيني على مبنى السفارة، حينها قلده الرئيس ياسر عرفات وسام نجمة القدس؛ تقديراً لجهوده الاستثنائية الخاصة في دعم الشعب الفلسطيني.
توالى دعم الملك سلمان ولم يتوقف سنين عدداً مع إخوته ملوك المملكة، ففي عام 2017م وخلال القمة العربية أكد حفظه الله، أنه يجب ألا تشغلنا الأحداث الجسيمة التي تمر بها منطقتنا عن تأكيدنا للعالم على مركزية القضية الفلسطينية لأمتنا، وفي مؤتمر القمة العربية الطارئ في مكة المكرمة 2019م، أكد أن «القضية الفلسطينية تبقى قضيتنا الأولى إلى أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».
وهذا الثبات على موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية والجهود الكبيرة التي تبذلها للوقف مع الشعب الفلسطيني الشقيق في ما يواجهه من العدوان الإسرائيلي منذ مراحل المملكة الأولى وتأسيسها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه وحتى مرحلة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، و لن تدخر المملكة جهداً تجاه مواقفها الصادقة الأخوية المسؤولة تجاه القضية الفلسطينية والأشقاء الفلسطينيين.