سعادة الأستاذ الكريم خالد المالك، حفظه الله تعالى، آمين
قرأت مقال الأستاذ عبدالوهاب الفايز المعنون: التعليم، الوزارة مشرفة ومنظمة فقط؟ وهل تنجح البداية؟ وفي الحقيقة أنا أستمتع بمثل هذه المقالات، لأنَّ مثل هذه المواضيع تتلمّس فيها أحياناً تشخيص الداء والدواء، مع النقد البنّاء الهادف، وهذا يعود، بعد توفيق الله تعالى، إلى تمكّن الكاتب ودرايته الواسعة في محاور موضوعه، وأحسبُ أنَّ الكاتب الكريم ممن يُجيد الكتابة في هذا. الشاهد أني لمّا قرأت المقال، وجدت أنَّ العنوان مشوّق للقارئ، والبدء بذكر الإيجابيات مؤثّر للمعنيّ في الخطاب، مما يجعله يحرص على قراءته، وأن الكاتب منصف يبتغي الإصلاح ناصحاً، ولا يبتغي التشهير والنقد شامتاً، ومن لطيف ما جاء في المقال: أنَّ الوزارة بدأت بمرحلة جديدة، ثم ذكرت بعضها، وأبرز ملامحها: نقل كافة ما يتعلق بمهمات التشغيل والصيانة إلى شركة تطوير.
ومما أعجبني احتواء المقال على شواهد تزيده قوة ومن ذلك: اجتماع ثُلَّة من مدراء الثانويات والمتوسطات، ومن نتائج ذلك الاجتماع أنَّ قرابة 70 % من الجهود خارجة عن عملية التعليم أو عن الحقل التعليمي الخاص، ثم أشار مرة أخرى -حفظك الله تعالى - إلى جهود الوزير. وصراحة أعجبني ما نقل الكاتب عن الوزير -وفقه الله تعالى - من ضرورة العناية بإزالة وإزاحة الصورة السلبية عن أذهان كثير من الناس عن المعلم، ثم إشارة الكاتب إلى المسرحية المصرية التي جعلها كثير من الناس وقت خروجها ولا تزال فاكهة للتندّر بالمعلم.
ومما ينبغي أن يُعلَمَ في هذا المقام أنَّ التندّر بالمعلمين سابقاً لهذا العصر بأزمنة طويلة، فأذكر أني قرأت قديماً أنَّ بعض الأدباء والكتَّاب، ومن أعظمهم الجاحظ أساءوا إلى مقام المعلم بذكر الدعابات والنوادر عليه، والعجيب أنَّ تلك الدعابات والنوادر تقع لكل صاحب صنعة أو مهنة كخياطة أو حجامة أو حدادة أو غير ذلك، لكن التركيز على أخطاء المعلمين، والتندر بهم مع شريف عملهم، من الزلل الأدبي والخلل الكتابي وخصوصاً أنَّ الشرع الحنيف الكريم عظَّم شأن العلم والمعلّم والمتعلِّم.
شاهد المقال: أعجبني حقيقة ما ذكره معالي الوزير -حفظه الله تعالى - وما أشار إليه الكاتب فيما يتعلق بتصحيح الصورة السلبية في أذهان كثير من الناس عن من تنقّص المعلم، فشكراً لمعالي الوزير وللكاتب، ومما أحب أن أذكره، بل أشير به على الكاتب أنه ذكر في مقاله أموراً لعله يمد بساط البحث فيها في مقالات لاحقة، فيكون هناك مقال خاص بمكانة المعلم في الإسلام، مع ذكر نصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكِّد ذلك. ومقال ثان يعالج تغيير الصورة السلبية للمعلم عن أذهان الكثير. وربما مقال ثالث في سبب ما طرأ على صورة المعلم من السخرية، مع ذكر ما أشرت إليه آنفاً من بعض كتَّاب الأدب وكذلك مع الأسف: بعض رسوم الكاريكاتير التي تظهر المعلم في صورة الساذج المسخور به والمتهكم عليه.
وهنا يقال: كيف يكون شعور المعلم إذا رأى مثل ذلك؟! بل كيف يكون شعوره إذا كان يعلم أنَّ طلابه رأوا ذلك وهم ينتظرون دخوله عليهم؟ بل كيف يكون عطاء المدرس لمادته العلمية، وهو يعرف أنَّ في نفوس الطلاب ضحكات وسخريات مكتومة بسبب تلك الرسوم الهزلية؟
فأنا أجزم أنَّ هذه المواضيع لا تكفي لها الإشارة ولا الإشارات، بل لا بد من مقال، بل مقالات سديدة رصينة ثمرتها ترجمة علمية وعملية من الجهات ذات الاختصاص بشؤون التعليم، مع الضرب بيد من حديد على من تندّر بالمعلم وتنقّص منزلته، وأهمس في أذن الكاتب أيضاً أن يكون لقلمه نصيب من لوم وتنبيه بعض المعلمين أو الإداريين الذين يسيئون لعملهم بسوء خُلُقٍ أو سوء أسلوب وما شاكل ذلك مما يؤثّر في النهوض بالوظيفة التعليمية. ومثل هذه الأمور لا تخفى -إن شاء الله تعالى - على ثقافته الواسعة.
ختاماً: شكراً للكاتب على جهوده، والدعاء والشكر موصول لمعالي الوزير ووزارته لجهودهم المشكورة. الله تعالى أسأل أن يوفقهم لما فيه الخير والنفع والتميّز الذي يعود على الحقل التعليمي والعاملين فيه، حفظ الله تعالى بلادنا ووفّق ولاة أمورنا وبارك في جهودهم ووفق أمراءهم ووزراءهم، وكل من تولى مسؤولية وأعانهم وسددهم.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.