د. محمد بن أحمد غروي
المتابع للشأن السعودي وقرارات قياداته يجد أن هناك تسارعًا ملحوظًا في محاربة الفساد دوليًّا من خلال توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم لمحاربة الفساد العابر للحدود بكافة أنواعه، آخرها من خلال تبادل المعلومات المتعلقة بجرائم الفساد وتطوير القدرة المؤسسية للطرفين وتعزيزها وتعزيز التعاون في مجال مكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود.
المملكة أيضًا بادرت وساهمت ماليًّا خلال رئاستها لمجموعة العشرين عام 2020 بمبادرة الرياض الهادفة لإنشاء منصة عالمية رابطة بين أجهزة الفساد الدولية، كما ثمنت الأمم المتحدة دور المملكة في تأسيس شبكة عالمية لمكافحة الفساد خلال قمة العشرين مؤكدين على أهمية محاربة الفساد لأنه عمل غير أخلاقي وجريمة خطيرة عابرة للحدود.
الفساد طاقة محركة للصراعات، ويرتبط بأشكال من عدم الاستقرار كالإتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات والأشخاص، والإرهاب والتطرف العنيف، وهي مشكلة دولية تمتد. كما يقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن التكلفة الإجمالية العالمية للفساد بلغت 2.6 تريليون دولار على أقل تقدير، أو 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ووفقاً للبنك الدولي، قد تدفع الشركات والأفراد أكثر من تريليون دولار من الرشاوى كل عام.
الفساد شر مستطير لا يعرف حدودًا، ومعالجة الفساد العابر للحدود تتطلب تكاتفًا دوليًّا قويًّا، كما أن التعاون بين البلدان والمنظمات الدولية والمجتمع المدني أمر ضروري في التصدي لهذا التحدي العالمي. فتعزيز أطر المساعدة القانونية المتبادلة أمرٌ بالغ الأهمية في تسهيل التحقيق والملاحقة القضائية في قضايا الفساد التي تتجاوز الحدود الوطنية. ويتضمن ذلك وضع إجراءات واضحة لتبادل الأدلة، وتسليم المشتبه بهم، وتجميد الأصول التي تم الحصول عليها من خلال الممارسات الفاسدة. علاوة على ذلك، فإن تبادل المعلومات وأفضل الممارسات بين البلدان يمكن أن يعزز فعالية جهود مكافحة الفساد. وتلعب المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة الشفافية الدولية دورًا حيويًّا في تسهيل تبادل المعرفة والخبرات.
دول الشرق الآسيوي عمومًا وآسيان تحديدًا سعت بشكل جاد في مكافحة الفساد محليًّا ودوليًّا، فقد وقعت خلال السنوات القليلة الماضية المملكة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بينها وبين تايلاند وإندونيسيا والصين والهند وكوريا والمالديف. وقبل أيام قليلة، وقعت الرياض وبوتراجايا مذكرة تفاهم تركز على جهود مكافحة الفساد، وتمثل هذه الاتفاقية، التي قادتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) في المملكة العربية السعودية، خطوة مهمة نحو نهج تعاوني في مكافحة الفساد.
تدرك المملكة أهمية إعلان الحرب على الفساد محليًّا ودوليًّا وتعزيز الشفافية وتقوية المؤسسات لتحقيق الغايات المتوخاة من أهداف التنمية المستدامة. وبالتزامن مع انطلاق الرؤية السعودية 2030، أضحى لدى المملكة تجارب عالمية في مكافحة الفساد وأهله ورصد عملياته في وقت قياسي كما أن التعاون الدولي هو قيمة عالمية مضافة في برامج مكافحة الفساد.