المتتبع لموقف المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية سيرى بوضوح أن السعودية كان ولا يزال لها موقفًا واحداً ثابتًا وواضحاً في دعم الفلسطينيين وقضيتهم سلماً وحرباً على طول امتداد هذا الصراع، دونما تراجع أو ملل، وبصبر وإصرار يعكس أصالة هذه القضية في وجدان القيادة السعودية، إلى درجة تسخير كل ثقلها الدولي ومكانتها السياسية والاقتصادية لدعم هذه القضية التي يمكن اعتبارها مركزية في السياسة السعودية.
فعندما تتحرك السعودية يكون تحركها نوعياً، ضخماً، ومؤثراً، ومن يستطيع حشد العالم في قمم دولية كبرى لدعم فلسطين ينبثق منها تشكيل لجنة وزارية عربية إسلامية تجوب عواصم الدول الكبرى لإيقاف العدوان وإنهاء معاناة أبناء غزة سوى السعودية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، بل وازاه تحركًا إغاثياً ضخمًا بالشكل الذي يتناسب مع مكانتها الاقتصادية، وعمق إيمانها بحق الفلسطينيين في الحياة الكريمة، فانطلقت الجسور الجوية والبحرية العملاقة المحملة بآلاف الأطنان من المساعدات، ووقّعت الاتفاقيات بملايين الريالات مع المنظمات والهيئات الإغاثية الدولية وقدمت لها دعماً مفتوحاً لإنقاذ الفلسطينيين، وتطبيبهم، وإيوائهم.
وإذا أرادت السعودية تحقيق خرق في الحرب لوحت برسائل سياسة رمزية وقوية، كأن يلقي ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان كلمته من مكتب الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - ويدعو لوقف فوري للحرب، فتلتقط النخب السياسية الفاعلة في العالم الرسالة وتتعامل على ضوئها، لأنها على دراية كاملة بأن السعودية ليس من منهجها السياسي الإكثار من الخطب الرنانة، ولا المتاجرة بالشعارات المستهلكة، بل اتخاذ الموقف الحازم بشكل فوري ومؤثّر.
وللشعب السعودي العظيم وقفة وموقف، فقد كانت استجابته لدعوة القيادة السعودية لإغاثة فلسطين غير مستغربة، وتاريخ وقوف الشعب السعودي مع شعوب العالم العربي والإسلامي معهودة وسخاؤه مع أشقائه لا يقارن، فأرقام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وإسهاماته العالمية أصدق برهان لكل منصف ولست هنا في وارد استعراض الأرقام فهي متاحة لكل من يريد أن يرى ويفهم.
وليس القصد من هذه الأسطر نظم الكلام أو تدبيج مقالة بقدر ما هي خواطر صادقة في وجدان كاتبها حركتها مواقف المملكة العربية السعودية الخالدة مع كل المسلمين والعرب عايشتها وشاهدت بعيني كثيراً منها.