إن الموقع الجيوسياسي للسعودية مقروناً مع إمكانياتها الكبيرة في ظل التقدم المتسارع في إنجاز متطلبات «الرؤية»، شكل فرصة مواتية نحو وضع اقتصادي وضع المملكة ضمن قوى جيوسياسية اقتصادية بوجه حضاري وسطاً لا متطرفاً، يقدم النموذج الإنساني العالمي الذي تفتقده في ظل كل تلك التحولات التاريخية التي تجري حولنا.
فالممعن في قراءة المشهد السعودي اليوم وبدقة يشعر بتخلق نظام اقتصادي جديد ورؤية حياتية مختلفة كاملة واستثنائية، إلا أن الحقيقة الثابتة هي أن المملكة بسياساتها الراهنة ورؤاها المستقبلية فرضت نفسها في قلب التوازنات الدولية الجديدة.
فحرياً اليوم بالمملكة بعد أربعة عشر قرناً أن تستلهم الماضي الآسر وتأتي بقوة لرصف الطريق مجدداً. فالمملكة العربية السعودية – اليوم – حكيمة، قوية، ورسالية، ومنذ الأزل.
والمملكة العربية السعودية، الآن تحت قيادة رشيدة أكثر قدرة على التبصر وقراءة المستقبل لما تحمله من قيم متراكمة وحكم متوارثة وبصيرة نافذة ثاقبة. ولعل المملكة قد استبصرت مبكراً أهمية التحولات الاقتصادية القادمة وما يجب أن تكون عليه المملكة آنياً ومستقبلياً كقوة اقتصادية سياسية وقد تجلى ذلك في استخدام كل الأدوات الاستراتيجية (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية).
فها هي اليوم تحصد ثمار تخطيطها من خلال رؤيتها المتكاملة بدءاً من إكسبو 2030 مروراً لتنظيم فعاليات كأس العالم 2034 فحرياً بنا أن نرفع القبعات لهذا القطر العربي الشقيق وهو يرفع من شأن الأمتين العربية والإسلامية.
فمواصلة لحصد ما زرعته من خطط عبر رؤيتها الاستراتيجية الشاملة المحكمة ها هي السعودية اليوم تحقق أحد أهدافها وتفوز بدون منافس بتنظيم معرض إكسبو الرياض 2030 ويتمحور موضوع المعرض حول «حقبة التغيير: معاً نستشرف المستقبل» وهو معرض دولي سيقام في العاصمة السعودية الرياض من 1 أكتوبر 2030 وحتى 31 مارس 2031 بحول الله وقوته.
إن الملف الذي قدمته المملكة لتنظيم إكسبو الرياض 2030 في العاصمة الفرنسية باريس لأعضاء المكتب الدولي للمعارض كان شاملاً ومتكاملاً، حيث قدم المخطط تشكيل تجربة عالمية استثنائية ومُبهرة في تاريخ تنظيم معارض إكسبو، ويكفي أن شعاره الرئيس «معاً نستشرف المستقبل».
وسيقام المعرض بالقرب من مطار الملك سلمان الدولي – الجاري تطويره حالياً – مما يسّهل على الزوّار القادمين عبر المطار الوصول إلى موقع المعرض خلال دقائق معدودة، وذلك من خلال استخدامهم شبكة «قطار الرياض» التي تغطي كافة أرجاء مدينة الرياض، إلى جانب شبكة الطرق الحديثة، وتتصل بأحد مداخل المعرض الثلاثة.
وقد جرى تصميم أجنحة المعرض المقدّر عددها بـ 226 جناحاً ضمن تصميم يشبه الكرة الأرضية، ويتوسطها خط الاستواء؛ في توجه بصري يُطابق توجه المعرض ورؤيته التي تضمن فرصاً متساوية لجميع المشاركين في المعرض، في الوقت الذي يعكس فيه تصميم المعرض النمط العمراني العريق وتاريخ مدينة الرياض وثقافتها وطبيعتها، والاهتمام المشترك للمملكة مع بقية دول العالم بالمناخ، وتعزيز الطموح لاستشراف مستقبل مليء بالإمكانات.
وفي الإطار ذاته سيقام في قلب المخطط الرئيس لمعرض الرياض إكسبو 2030؛ معلم بارز يرمز إلى «المسؤولية عن حماية الكوكب» ويرتكز على 195 عموداً تمثل عدد الدول المشاركة في المعرض، ويحيط بهذا المعلم ثلاثة أجنحة يجسّد كل منها موضوعات المعرض الفرعية المتمثلة في: «الازدهار للجميع»، و»العمل المناخي»، و»غد أفضل».
ومعرض إكسبو سيكون الأكثر مرونة للزوار أثناء التنقل داخل الموقع، والأكثر تفاعلاً وتعاوناً واستدامة على الإطلاق، حيث الحرص على تقديم تجربة استثنائية لزوّار المعرض، كما سيعمل على تمكين المشاركة الكاملة والمتوازنة، وذات القيمة الإضافية لجميع البلدان المشاركة وسيوفر تجربة نوعية لا مثيل لها لأكثر من 40 مليون زائر متوقع للسعودية.
ولعل الجديد المُبهر الذي سيُشهد في إكسبو هو استلهام موقعه من المزايا الطبيعية والتقليدية الحديثة حيث تم تصميمه حول وادٍ تحيط به مجموعة من الأجنحة لكل دولة، وتوفر لكل البلدان المشاركة فرصاً غير محدودة، حيث تقدم خطة المعرض مجموعة واسعة من الأجنحة بأحجام وأنواع مختلفة مع الالتزام بتخصيص جناح لكل دولة، وسيتمكن كل المشاركين من تحقيق أولوياتهم وتطوير أجنحة تتناغم مع موضوع إكسبو الرئيس ومواضيعه الفرعية، حيث ستكون فرص الاستكشاف لا حدود لها لكي تمكن الزوار من عيش تجربة الانتقال بأنفسهم إلى أي بلد في العالم والاستمتاع بالأحداث الثقافية والترفيهية المتنوعة والمتواصلة.
وسيشهد معرض الرياض إقامة أول معرض صديق للبيئة يحقق مستوى صفرياً للانبعاثات الكربونية؛ حيث سيتم تشغيل موقع معرض الرياض إكسبو 2030 بواسطة الطاقة النظيفة التي تعتمد على الطاقة الشمسية، ويعمل على تطوير معايير عالية لكفاءات الموارد وإستراتيجيات لتعزيز التنوع البيولوجي والقضاء على هدر الطعام وضمان إدارة النفايات الخضراء وإعادة تدويرها».
يُشار إلى أن المملكة، أعلنت عن استهدافها جعل معرض الرياض إكسبو 2030 أكثر معرض إكسبو استدامة وتأثيراً على الإطلاق، يما يتماشى مع التزاماتها المناخية ويحقق حياد الكربون لتحقيق أثر إيجابي على البيئة في مدينة الرياض، وهو هدف ينعكس بشكل واضح في المخطط الرئيس للمعرض الذي يقدم تصورات ترتبط بالمعايير العالمية للاستدامة، مثل: تشجير المناطق الحضرية، واستخدام المياه المعالجة، وتوفير مصادر للطاقة الجديدة، إلى جانب مراعاة تصميم المخطط الرئيس للمعرض لتمكين إعادة استخدام الموقع بعد الانتهاء من فترة انعقاده، وذلك بهدف تطوير نموذج حضريّ مبتكر يضمن الاستدامة، ويعزّز من الابتكار والإبداع في المملكة.
خالص التهاني والتبريكات لقائد المملكة العربية السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وللشعب السعودي بهذا الإنجاز ومزيداً من التغييرات التي ستشكل مستقبل هذا الوطن الكريم.
** **
- د. غالب محمد طه