البيت إذا بُني على طاعة الله، تسود فيه الألفة والمحبة، وتتقوَّى فيه رابطة الصلة والقربى، فيكون أهله في سعادة وراحة وسكينة واطمئنان، ذلك أنَّه بيتٌ حيٌّ بكثرة ذكر الله فيه، يتعامل أفراده مع بعضهم تعاملاً حسناً، بالكلام اللطيف والأفعال الحسنة التي تؤلف وتجمع، ومن علامات سعادة أهل البيت وإرادة الخير بهم: دخول الرفق عليهم، بأن يرفق بعضهم ببعض في النصح والعتاب وانتقاء الألفاظ الطيبة، فلا غلظة ولا شدة ولا عنف، ولا صراخ ولا فُحشَ قول، بل لين ورحمة وحلم وتأنٍ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله عز وجل بأهل بيتٍ خيراً، أدخل عليهم الرفق». رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
فاللطف والتأني ولين الجانب قولاً وفعلاً، والأخذ بالأسهل في التعامل مع أهل البيت أمرٌ مهمٌّ يحصل به الخير الكثير، فرفق الأب أقرب طريق إلى الحصول على مقصوده من صلاح أمره وصلاح أهل بيته، تأمَّل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله رفيقٌ يحبُّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه».
رواه مسلم.
وإذا دخل الرفق على أهل بيت، فلن يُسمع فيه صراخٌ، ولن يدخله عنف ولا شدة، ولا بغض ولا غضب، وكل مشكلةٍ يسهل حلها مع الرفق، فالأبناء والبنات يتعاملون فيما بينهم بالرفق والرحمة، ويعاملون الأب والأم بالرفق ولين الجانب والبر والإحسان، والأب يرفق في تعامله مع أبنائه وبناته وزوجته، وكذلك الزوجة تتعامل برفقٍ مع زوجها وأبنائها وبناتها، فلا تسمع من الوالدين إلا دعاء خير لهم ولأبنائهم وبناتهم.
كما أنَّ الرفق لا ينافي الحزم، قال الإمام سفيان -رحمه الله- لأصحابه: «أتدرون ما الرفق؟ قالوا: قل يا أبا محمد، قال: هو أن تضع الأمور مواضعها، الشدة في موضعها، واللين في موضعه».
وقال الإمام السعدي -رحمه الله: «الرفق من العبد لا ينافي الحزم، فيكون رفيقاً في أموره متأنياً، ومع ذلك لا يفوِّت الفرص إذا سنحت، ولا يهملها إذا عرضت».
قال الشاعر:
ورافِقِ الرَّفْقَ في كُلَّ الأمورِ فلَمْ
يندمْ رَفيقٌ ولم يذمُمْهُ إنسانُ
ومن ثمرات الرفق: أنَّه يورث محبَّة الله تعالى ومحبَّة الناس، والسعادة في الدنيا والآخرة، كما أنَّه علامة على فقه من تخلَّق به وحكمته وأناته، وعلى كمال الإيمان وحسن الإسلام.
اللهم ارزقنا الرفق في الأمور كلها.
قال النابغة:
الرفق يمنٌ والأناة سعادةٌ
فَتَأَنَّ في أَمر تُلاقِ نَجاحا