الرومانسية مدرسة في الأدب والفنون تقوم على تمجيد العواطف الإنسانية وتعلي من شأن مشاعر الإنسان بكل ما تحمله من تنوع وتناقضات، خوف وهلع، رعب وألم وحب وشوق ونرجسية. شكلت الرومانسية الملجأ الوحيد الذي وجد فيه الشعراء والأدباء فبدأوا يعبرون من خلاله عما يضطرب في صدورهم ويختلج في نفوسهم من رغبة في دفع مظالم الاستعمار والاستبداد والثورة على القهر والحرمان ودعوا إلى الحرية في عالم يسوده العدل والمساواة.
ظهرت المدارس الأدبيّة في تاريخ الأدب منذ زمن طويل، وكان لهذه المدارس الدور الأبرز في تحديد أغراض النصوص الأدبيّة في تاريخ الأدب بشكلٍ عامّ، وكان أدباء كل مدرسة أدبية يلتزمون التزامًا كاملا بهذه الأغراض، فينعكس هذا الالتزام على أعمالهم الإبداعيّة.
المدرسة الرومانسية في الأدب على أنَّها مذهب من المذاهب الأدبية، يهتمّ هذا المذهب بعواطف ومشاعر النفس الإنسانيّة بغض النظر عن انتماء الإنسان الدينيّ. وتعتمد الأعمال الفنية على المراقبة الدقيقة للمناظر الطبيعية بالإضافة إلى السماء والغلاف الجوي مما رفع رسم المناظر الطبيعية إلى مستوى جديد أكثر احترامًا، بينما ركز بعض الفنانين على البشر والإنسانية كجزء لا يتجزأ من الطبيعة.
لقد اشتهرت المدرسة الرومانسية بالمناظر الطبيعية المؤثرة المليئة بالأحاسيس والعواطف وتعتمد على العواطف والخيال والإلهام ولا تخضع لقيود العقل وتركزعلى الفرد والذاتية واللاعقلانية والخيالية والعفوية والعاطفية.
دعت الرومانسية إلى التمرد على التقاليد السائدة وتهرب من معاناة المجتمع إلى جمال الفطرة.
اتخذ الرومانتيكيون من الليل رمزا للانطلاق والتحرر، لأن النهار تتجلى فيه الموجودات محددة المعالم، وفي وجود مقيد، لكن الليل يمحو هذه الحدود، ويرفع ستار الأسرار عن النفس، ويفضل الرومانتيكيون كذلك مناظر العواصف وأمواج البحر المترامية فهي قريبة من أنفسهم بما يصوره تلاطم الأمواج من تلاطم أفكارهم ومشاعرهم.
ويؤمن رواد المدرسة الرومانسية بأن الجمال يكمن في العقل وليس في العين، فلم يهتم رواد هذه المدرسة بالحياة المألوفة اليومية، بل سعوا وراء عوالم بعيدة من الماضي، ووجهوا تركيزهم في أسرار الشرق حيث الخيال والسحر والغموض كأساطير ألف ليلة وليلة كما تهدف الرومانسية إلى البحث عن المثل الأعلى في عالم الروح والخيال والأحلام.
ويعتقد الرومانسيون أن الحضارة بلاء على البشر فهي تصيبهم بالأمراض، لأن هذه الحضارة فرضت عليهم نظاماً صارماً وعقلانياً أبعد الجميع عن الطبيعة وعن أصولهم. والجمال عند الرومانسيين هو مرآة الحقيقة التي يريدون والغاية التي يسعون اليها، فالرومانتيكيون في أدبهم لاينشدون الحقيقة التي تواضع عليها الناس وأقرها المنطق السائد، فالحقيقة التي ينشدها الكاتب الرومانتيكي ذات طابع ذاتي، أسيرة لخيال الكاتب وعاطفته المشبوبة وتتبدى في ثوب جديد ثائر.
ترفض الرومانسية الواقع وتساهم في علو شأن العاطفة والخيال، تجحد الرومانسية العقل وتتوج مكانه العاطفة والشعور وتسلم القياد للقلب.الأدب عند الرومانسيين هو أدب ثورة وتحرر ونبذ العقل والمنطق الذي يتميز بالجمود بل التمرد على كافة الأنظمة والقوانين، يكثر فيه الشعر الوجداني والإفضاء بذات النفس في قوة تشي بطابع الفرد وتعبر عن آلامه، فهو أدب ذاتي يشوبه عدم الرضا بالواقع ومحاولة التمرد عليه، والتغني بالألم والهروب من الحياة الواقعية واللجوء إلى القلم.
** **
الأستاذ المساعد قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية، كولكاتا - الهند
merajjnu@gmail.com