خالد بن حمد المالك
تواصل إسرائيل ضرب مواقع لإيران وحزب الله اللبناني في سوريا، دون أدنى رَدٍّ منهما على إسرائيل، مع أن تل أبيب لا تتنصل عن مسؤوليتها في استهداف مستودعات ومخازن أسلحة إيرانية وأخرى لحزب الله.
* *
والنظام السوري من جانبه يعترف بهذه الهجمات, وينسبها لإسرائيل، وأنه تصدى لبعض الصواريخ أو الطائرات المسيرة، دون أن يمنع إسرائيل من الوصول إلى أهدافها الموجعة، والتي يكون من آثارها مقتل بعض العسكريين السوريين والإيرانيين واللبنانيين التابعين لحزب الله.
* *
فيما يلتزم حزب الله الصمت لكي لا يقع في حرج مع مناصريه في عدم الرد على إسرائيل من الجنوب اللبناني المتاح لميليشياتها، وأحياناً تتجاهل أن حدثاً كهذا قد دمر مخازنها في سوريا أو قُتل أحدٌ من ميليشياتها، تجنباً لأي صدام مع إسرائيل بعد تجربة حرب عام 2006م المريرة التي زرعت الرعب إلى اليوم في حسن نصر الله، بعد أن أذاقته إسرائيل ما لم ولن ينساه أبداً.
* *
ومثله إيران فآخر خسائرها هذا الأسبوع اثنان من الضباط في الحرس الثوري، إلى جانب تدمير مخازن أسلحة للقوات الإيرانية المتواجدة في سوريا بطلب من النظام السوري، لكنها تكتفي بتوعُّد إسرائيل بالردّ في المكان والزمان المناسبين دون أن تفعل، بدلاً من أن تدخل في مواجهة عسكرية مع عدو لا يرحم، وهو ما يجعلنا نتساءل ما فائدة وجود قوات لإيران في سوريا حتى ولو كان بطلب من النظام السوري إذا كانت قواتها مكشوفة لإسرائيل، وسهلة للهجوم عليها وقصفها من حين لآخر.
* *
أما عن سوريا التي فتحت أراضيها لروسيا, وأمريكا, وتركيا, وإيران, وحزب الله سواء برضاها, أو مجبرة على ذلك، وأصبحت بذلك دولة محتلة لأربع دول وحزب إرهابي، عدا عن ميليشيات منتمية لتنظيمات إرهابية وجدت فرصتها في سوريا لتكون جزءاً من هذا المشهد المأساوي، لتشكل هذه الدول والتنظيمات كل هذا الإضرار البشري والمادي بسوريا وهي العاجزة عن أي فعل أو ردّ فعل.
* *
المعنى أن من يهاجمون إسرائيل بالكلام، والخطب الرنانة، والتهديد بإنزال أشد العقوبات، تقابله إسرائيل بإرسال صواريخها وطائراتها المسيرة، وإن استدعى الأمر أكثر فهي جاهزة، دون أن تخاف أو تتردد من أي ردود فعل, بل إن رئيس وزراء إسرائيل يعلن بعد آخر هجوم لإسرائيل على سوريا بأن تل أبيب تكبد أنظمة داعمة للإرهاب في سوريا ثمناً باهظاً.
* *
نحن ضد الهجوم الإسرائيلي على سوريا، وفي المقابل ضد التواجد الأجنبي في سوريا، وعلى سوريا أن تعود إلى الحضن العربي، وتعمل على وحدة أرضها، وعودة المهجّرين من السوريين إليها، وتصحيح ما أفسدته سنوات الحرب، وأن تضع يدها بيد الدول العربية للخروج من هذا النفق المظلم الذي هي فيه، وتجسير العلاقة بكل الدول العربية، وعدم الارتهان لنصائح من أوصلوا البلاد إلى ما وصلت إليه من مآسٍ وضياع.
* *
لقد بدأت الدول العربية تعيد علاقاتها مع سوريا، أو تراجع هذه العلاقة على أمل عودتها، إذا ما استجاب النظام السوري لتصحيح الوضع في بلاده، وأدرك أن خياره الوحيد أن يمد يده للدول العربية الشقيقة، وقبل ذلك أن يمد يده للمعارضة في شعبه، متفهماً مطالبهم، ومستوعباً سبب معارضتهم، وصولاً إلى حل ينقذ سوريا من التقسيم والاحتلال، لتعود كما كانت دولة حرة ومستقلة، وصاحبة قرار سيادي دون أي وجود أجنبي في أراضيها.