لكل فن من الفنون أساتذته ورواده الذين يظهرون في كل بلد من بلدان الله، وكذا نحن في بلادنا المملكة العربية السعودية حظينا وما زلنا في فترات زمنية كثيرة بميلاد آباء للفنون، وبوجود عرابين للمواهب كافة، وإن شئت قلت معلمين أفذاذاً أو مراجع كباراً في كل اختصاص إبداعي بشري علمي أو إنساني. وكاتبنا محمد علي علوان استحق أن يكون أباً من جملة الآباء، ومعلماً من طليعة المعلمين، وعراباً لفن القصة القصيرة السعودية، له كلمته المسموعة وحكمه الشاخص في نشأة وتطور وتاريخ القصة القصيرة السعودية؛ فله أولاً طابعه السردي الخاص الذي لا يماثله فيه أحد من كتاب جيله وما بعد جيله، وله تأثيره الفني فيمن جاء بعده من الكتاب، وله أيضاً تلامذته الذين تلقوا أبجديات الكتابة القصصية الحديثة على يديه وإن كان لا توجد دراسات نقدية توضح ذلك بالتفصيل، ولا يمكننا أيضاً أن نغفل تأثر بعض مجايليه بتجربته الكتابية، وتأثره هو أيضاً بأعلام الكتابة السردية عربياً وعالمياً؛ فمجموعاته القصصية (الخبز والصمت، الحكاية تبدأ هكذا، هاتف، دامسة) تصنع في نفس قارئها أثراً جمالياً غير محدود القيمة، وخاصة المجموعة الأولى منها (الخبز والصمت).
إن أي دارس لتاريخ التطور الفني للقصة القصيرة في المملكة العربية السعودية لابد أن يفرد في دراسته مبحثاً خاصاً مستقلاً لسرد هذا الرجل.
** **
- ناصر سالم الجاسم