رمضان جريدي العنزي
السماحة نهج قويم، والتغاضي عن المسيئين خلق كريم، وتمالك النفس عند الغضب شجاعة فذة، والنزاهة علامة بارزة للإنسانية، والسيرة الطاهرة كتاب خالد، وعزة النفس رقي، والصدق والأمانة والوفاء والإخلاص والسلوك والحديث الحسن والصبر والحلم والصفح منظومة متكاملة، وسلامة الصدر طهارة، والجود عطاء، والكرم خصلة طيبة، والبعد عن الحقد والحسد والتهامز والتلامز والثرثرة فضيلة مميزة ونأي بالنفس جميل. لقد خلق الله الإنسان لغاية سامية، وهدف نبيل، كرَّمه وأعلى شأنه، وفضَّله على كثير ممن خلق تفضيلاً، وجعله محلاً للامتحان والابتلاء وميداناً للعمل. إن الله لم يخلق الإنسان عبثاً ولا لعباً، بل خلقه لغاية جليلة، وحكمة بليغة، وحق ثابت، ومنها العبادة وعمارة الأرض وطاعته وتوحيده وتعظيمه والتفكير في مخلوقاته وإبداعاته، ومحاربة كل صور الفساد والضلال والجهل والفساد، وإيقاد شعلة النقاء والبياض والسلام في المعمورة كلها. إن الإنسان مهما سما في تفكيره وحدسه وذكائه، يظل خلقاً ضئيلاً من مخلوقات الله، وعبداً له، ولهذا يجب أن تكون حياته سلسلة من الأخلاق الحميدة، والسلوك الراقي، والتعاملات المهذبة، وذلك بترك كل قبيح، والابتعاد عن الشبهات، والتشبث بالمرؤات، والخوف على المكارم، والحرص على المحامد، والتمسك بالحياء، والابتعاد بالكلية عن الصراعات والمشاحنات وبؤر الشر والنكد، أن أخلاق الإنسان وسلوكه وتعامله القويم هي عناوين لحياته، ولها دور كبير في مسيرته. إن التوازن في التعامل مع الأشياء أمر مطلوب، بل مرغَّب فيه. إن الإنسان القويم صاحب الحكمة والبصر والبصيرة هو الذي يملك الرحمة والسعة بعيداً عن العنت والتكبر والمكابرة، سعة مؤطرة بصالح الخلق، وضابط الشرع، لا بالتشهي والهوى، والضلال عن الهدى، لقد بلَّغ نبينا -صلى الله عليه وسلم- الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، ودعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، لم يَعْتدِ على أحدٍ، ولم يَحْمِل الناس على دينه عنوةً. إن الإنسان الحكيم هو من يمشي على جادة الحق، ويكون في منطقة التوازن فلا إفراط ولا تفريط، لا فحش في العمل، ولا بذاءة بالكلام، لا تعصف به ريح، ولا يحطمه موج، يرتقي من ثبات لثبات، لا يستهويه الشيطان، ولا يلهث وراء كل ناعق، قال صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحوها، وخالق الناس بخلق حسن). إن الإنسانالحق هو من يترجم حركاته وسكناته، غدوته وروحته، أقواله وأفعاله، وجميع أخلاقه وسلوكه وعباداته لتنعكس على حياته خاصة وحياة الآخرين عامة ليصبح الكون كله حينها يعيش الطمأنينة والهدوء والسلام، وتكون الحياة رغيدة وهنيئة.