إن رؤية 2030 لا تهدف فقط إلى تطوير البنية التحتية للمملكة العربية السعودية، بل تهدف أيضًا إلى تعزيز الاقتصاد المستدام. ويعد العدد الهائل لمشاريع التشييد والبناء أداة مهمة لبناء المستقبل، إذ يتزامن مع نمو الدخل غير المرتبط بالنفط في المملكة.
من هنا تبرز أهمية البناء من خلال مجموعة المشاريع الضخمة والعملاقة لتحسين المدن الحالية، وإضافة نُظُم النقل الذكية والبنية التحتية الاجتماعية، ومشاريع الطاقة الكبرى. وستنشأ قريبًا مدن جديدة مثل القدية، والتي يبرز من خلالها تركيز المملكة العربية السعودية على البنية التحتية المتطورة والتنويع الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة لمواطنيها.
وبمجرد اكتمال تلك المشاريع سيتم تفعيل الكثير من أنشطة التشغيل والصيانة، وذلك لن يتطلب فقط استخدام القوى العاملة ولكن يتعين أيضًا استخدام أحدث تطبيقات التكنولوجيا والابتكار.
إن ما نقصده بالابتكار لا يشير فقط إلى الآلات أو المعدات أو الروبوتات الجديدة فحسب، بل يشير أيضًا إلى العنصر البشري وتفاعله مع التقنية. ومع توقع ضخ واستثمار الكثير من النفقات، فإننا بحاجة ماسة إلى التكنولوجيا والابتكار لخلق بيئة فعالة تستثمر تلك التكلفة بشكل مثالي لتحقيق الاستدامة.
كما أن إدخال التطبيقات التكنولوجية على نُظُم التشغيل والصيانة، أو لنَقُل إنشاء مدينة ذكية، بإمكانه إحراز التقدم والنجاح مهما اختلفت هيكلة التمويل، سواء التمويل الحكومي أو مشاركة المستثمرين، أو الشراكة ما بين مزودي الخدمة والمصنّعين.
وتؤكد أهم مبادرات المدينة الذكية دومًا على تحسين الخدمات العامة لجذب المستثمرين واستخدام نهج تعاوني لبناء البنية التحتية الرقمية.
دعونا نفكر في فوائد تطبيق التكنولوجيا والابتكار على أعمال صيانة المدن:
- يجعل العمل أسرع: ولنأخذ مثالًا في عملية تشذيب وتقليم الأشجار، عندما يؤدي العمال المهمة يدويًا، سيتطلب ذلك 15 عاملًا، ولكن باستخدام أحدث التقنيات واستخدام آلة، ستحتاج إلى 3 عمال فقط مع أداء أفضل.
- يشجع الابتكار والإبداع: حيث يفكر الموظفون بشكل مستمر خارج الصندوق ويطورون الابتكار في أماكن عملهم ومن كونه موظفًا سيصبح مشغل آلة أو فنيًا.
- سهولة الاتصال: باستخدام الإنترنت واتصالات البيانات، وبمجرد الحصول على المعلومات، يتم اتخاذ الإجراء اللازم سريعًا.
- التناسق: مثل النهج المتبع في تصنيع السيارات، وموازنة الخطوط والروبوتات، بما يتفق مع تعزيز الجودة والمظهر.
- الكفاءة: باستخدام التكنولوجيا سيتم الانتقال إلى المستوى التالي وإعادة تعريف مصطلح الكفاءة، حيث يشعر الموظفون بضغوط أقل ويصبحون أكثر كفاءة، وبذلك سيخصصون وقتًا للتركيز في الوصول إلى أفضل نتيجة.
- فعالية التكلفة: لا تهدف فقط إلى تقليل النفقات، ولكن إنتاج المزيد بمعدل مرتفع.
القدية هي مدينة من نوع مختلف، ستكون واحدة من أكبر المدن المتكاملة في العالم، مع توافر مساحات عامة فريدة أو ما يطلق عليه بالمصطلح الحديث «المناطق المشتركة العامة»، وسيتم الحفاظ عليها من خلال استخدام أحدث التقنيات في التشغيل والصيانة. وتشكل المناطق المشتركة العامة جزءًا مهمًا من المدينة، حيث تمثل الأرضية المشتركة بميزاتها، مثل المناظر الطبيعية والطرق والإضاءة والحدائق والمباني العامة وغيرها، وستخلق أيضًا انطباعًا دائمًا وصورة ذهنية تُحفّز على العودة إليها مرة أخرى.
** **
صالح الزهراني - المدير التنفيذي لخدمات المنطقة شركة القدية للاستثمار