التاريخ يقيد في صفحاته عن هذا الرجل العربي أنه حفظ القرآن على يد والده، ثم على حلقات أئمة العلم من الصحابة والتابعين في عصره مثل حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، ثم اشتغل في بداية حياته بتعليم الصبيان، شأنه في ذلك شأن معلمه الأول والده، ولاشك أن لكل قائد انجازات ومحامد يذكر عليها «لاسيما» إن كان هو المقدم عن ولي الأمر، وهذا ما سنركز عليه في هذه الكلمات ، يعد الحجاج من أبلغ الناس لساناً وفصاحة، فقد اشتهر بفخره وانتمائه للغة العربية حيث حوّل لغة دواوين الحكومة من اللغة الفهلوية (الفارسية القديمة) إلى اللغة العربية.
وهذا إنجاز لغوي يدل على حبه للعربية و اعتزازه بها، ألزم التجار والباعة والمبتاعين بالتعامل بالنقود العربية وهي النقود التي سكها العرب وبها النقوش بأحرف اللغة العربية في العملة المتداولة في مناطق حكمه وسيطرته وهي قوة إقتصادية تعزز قوة اللغة العربية، وتميز فترة حكمه بدعم حلق القرآن وهو منبع الفصاحة عند العرب، إذ كان يُنفق الكثير من أمواله على حفظة القرآن، قال في المواعظ والحكم ما سطره كأحد حكماء العرب في أمثال الوعيد والتهديد ومنها «أيها الناس من أعياه داؤه فعندي دواؤه ومن استطال أجله فعلي أن أعجله ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله ومن استطال ماضي عمره قصرت عليه باقيه ، إني أنذر ثم لا أنظر، وأحذر ثم لا أعذر، وأتوعد ثم لا أعفو»، وأيضاً مقالته عن تداول الزمان و الإقتصاص الحتمي «إن الله خلق آدم وذريته من الأرض فأمشاهم على ظهرها فأكلوا ثمارها وشربوا أنهارها وهتكوها بالمساحي والمرور، ثم أدال الله الأرض منهم فردهم إليها، فأكلت لحومهم كما أكلوا ثمارها، وشربت دماءهم كما شربوا أنهارها، وقطعتهم في جوفها، وفرقت أوصالهم كما هتكوها بالمساحي والمرور» وأخيراً « من البلية أن يكون الرأي بيد من يملكه دون من يبصره».
** **
- لافي هليل الرويلي