«الجزيرة» - الاقتصاد:
ارتكزت الدراسة التي أصدرها معهد الشؤون النقدية الدولية الياباني وأشادت بالإصلاحات المالية والاقتصادية التي نفذتها السعودية في إطار رؤية المملكة 2030 على جملة من المعايير والمؤشرات ذات البعد الاستراتيجي. حيث نوهت الدراسة التي صدرت بعنوان «المالية السعودية تتحرك نحو عدم الاعتماد على النفط»، بخطوات المملكة لتحقيق هدف أساسي للرؤية يتمثل في الحد من الاعتماد على النفط، وزيادة إيراداتها غير النفطية إلى تريليون ريال (أي ما يعادل 266.7 مليار دولار تقريباً) بحلول عام 2030، وهو ما يمثل أهمية كبيرة، وهذا الأمر سيزيد من استقرارها المالي بشكل كبير.
ولفتت الدراسة إلى أن رؤية المملكة 2030 أنقذت اقتصاد البلاد من وضع صعب، خصوصاً مع تراجع أسعار النفط وتداعيات جائحة «كوفيد - 19».
وهنا يبرز أثر تقليل الاعتماد على النفط باعتباره أحد أهم مرتكزات الرؤية التي أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية قبل 5 سنوات، حيث نجحت المملكة في تحقيق تقدم كبير في هذا الجانب وذلك في إطار عملية الإصلاح الاقتصادي؛ وفي سبيل بناء موارد مالية متعددة المصادر، حيث ارتفعت إيرادات المملكة غير النفطية بنسبة 78.7 في المائة من 186 مليار ريال سعودي لتصل إلى 332.4 مليار ريال سعودي، إذ بلغ متوسط الزيادة السنوية خلال هذه الفترة تحديداً 22 في المائة، ووفقاً للدراسة فإنه في حال واصلت المملكة الحفاظ على هذه الوتيرة نفسها، فستحقق هدفها المتمثل في زيادة إيراداتها غير النفطية بقيمة تريليون ريال في عام 2030.
ووفقاً للدراسة فإن إيرادات المملكة غير النفطية تشهد توسعاً بشكل مطرد، مما يزيد من التوقعات حول تحقيق إصلاحات اقتصادية، مع إشارتها إلى الإجراءات النوعية والطموحة التي تستهدف خصخصة القطاع الحكومي عبر برنامج الخصخصة، بما يدعم تعظيم العائدات غير النفطية وبالتالي تنويع مصادر الدخل باعتباره هدفاً استراتيجياً من ضمن أهداف الرؤية.
كما أشارت الدراسة إلى أن الخطوات الاستباقية التي تضمنتها الرؤية ضمن خططها وأهدافها ساعدت بشكل كبير في إنقاذ الاقتصاد السعودي من تراجع النشاط الاقتصادي بسبب تفشي فيروس «كوفيد - 19» أو «كورونا»، حيث يعتمد تعافي الاقتصاد بعد عام 2021 على زيادة الإيرادات غير النفطية والتقدم في الخصخصة، بحسب الدراسة.
ورغم التحدي الكبير الذي شكلته الجائحة وتداعياتها العنيفة، إضافة إلى بلوغ أسعار النفط مستويات صفرية، إلا أن المملكة استطاعت تلافي الآثار السلبية والأضرار التي طالت وشملت اقتصادات عدة وكبرى حول العالم، حيث تمكنت المملكة تعزيز حجم مواردها المالية من خلال اتباعها منهجية جديدة أكثر كفاءة كان لها الأثر الكبير في استقرار الوضع المالي في المملكة.
كما نوهت الدراسة اليابانية بالاهتمام بإصلاح الهيكل الصناعي للمملكة التي يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي نحو 2.8 تريليون ريال في عام 2019، تمثل فيها الصناعات المرتبطة بالنفط 43 في المائة، إذ يعد القطاع الصناعي في المملكة من القطاعات الواعدة والمهمة في تنمية الإيرادات غير النفطية، وهو ما استدعى أن توليه الحكومة اهتماماً خاصاً عبر تحقيق استقلاليته من خلال وزارة خاصة تكون مسؤولة عن عمليات تنظيمه وتطويره وتحفيزه. ولا تقتصر الجهود السعودية في استراتيجية تقليل الاعتماد على النفط على بعض القطاعات الرئيسة فحسب، بل تمتد لعمليات تصدير المواد غير النفطية كمادة الأمونيا الزرقاء التي صدرت السعودية أولى شحناتها باتجاه اليابان الشهر الماضي، لاستخدامها في توليد الطاقة الخالية من الكربون.
وتؤسس المملكة من خلال رؤية 2030 لمرحلة ما بعد النفط عبر تقوية عدد من القطاعات الاقتصادية المهمة، كالسياحة والترفيه والرياضة، مقابل الدخول في استثمارات ذكية بالمشاريع التقنية عبر الصندوق السيادي السعودي الذي يُعد ثامن أكبر الصناديق السيادية في العالم بإجمالي أصول تقدر بـ390 مليار دولار.